والثانية : «ان الحاجة إلى الإمام في تلك الفوائد (يشير إلى ما ذكره العلامة من فوائد الإمامة كإقامة الحدود وحفظ الفرائض وغيرها) يوجب عصمته وإلا لافتقر إلى إمام آخر وتسلسل».
والثالثة : «ان الإمام لو عصى لوجب الإنكار عليه والإيذاء له من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وهو مفوت للغرض من نصبه ومضاد لوجوب طاعته وتعظيمه على الإطلاق المستفاد من قوله تعالى (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ)(١)».
الرابعة : «لو صدرت المعصية منه لسقط محله من القلوب فلا تنقاد لطاعته ، فتنتفي فائدة النصب».
الخامسة : «انه لو عصى لكان أدون حالا من أقل آحاد الأمة ، لأن أصغر الصغائر من أعلى الأمة وأولاها بمعرفة مناقب الطاعات ومثالب المعاصي أقبح وأعظم من أكبر الكبائر من أدنى الأمة» (٢).
وهذه الأدلة لو تمت جميعا فهي غاية ما تثبته عصمة الأئمة ، ولازمها اعتبار كل ما يصدر عنهم موافقا للشريعة وهو معنى حجيته ، إلا أنها لا تعين الأئمة ولا تشخصهم فتحتاج إلى ضميمة الأدلة السابقة من كتاب وسنة لتشخيصهم جميعا.
والدخول في عرض ما أورد أو يورد عليها وما أجيب عنها من الشبه يخرج البحث من أيدينا إلى بحث كلامي لا نرى ضرورة الخوض فيه هنا ، وهو مفروض في جل كتب الشيعة الكلامية.
والخلاصة : ان دلالة الكتاب والسنة على عصمة أهل البيت عليهمالسلام وأعلميتهم وافية جدا. وان ما ورد من انسجام واقعهم التأريخي مع طبيعة ما فرضته أدلة
__________________
(١) سورة النساء : الآية ٥٩.
(٢) دلائل الصدق : ٢ ـ ١٠ وما بعدها.