الجميع واجبا» (١).
وهذا الجواب غريب في بابه أيضا لمنافاته للشمولية التي جاءت بها رسالة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وعمومها لجميع البشر (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ)(٢) ولأن فرض الاقتصار على البعض يوجب اختصاص الرسالة بهم وحرمان غيرهم مع فرض احتياجهم إلى مثلها ، وأين قاعدة اللطف منها إذن؟ ولما ذا لا يبعث لكل أمة نبيا يفي بحاجتها إذا تعذر قيام نبي واحد بهذه المهمة؟
فلا بدّ إذن أن يفرض ـ بعد ثبوت الجانب الشمولي فيها ـ أن طرق التبليغ المعتمدة لدى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كافية بإيصال صوته إليها بالوسائل المتعارفة ، وبذلك يتم ما قال المستدل.
ثم عقّب ـ أعني الغزالي ـ بعد ذلك بقوله : «نعم لو تعبد نبي بأن يكلف جميع الخلق ، ولا يخلي واقعة عن حكم الله تعالى ، ولا شخصا عن التكليف ، فربما يكون خبر الواحد ضرورة في حقه» (٣).
وهذا الاستدراك عين ما أراده المستدل لتحدثه عن نبينا صلىاللهعليهوآلهوسلم بالخصوص ورسالته ، لأنها موضع حاجتنا الفعلية.
ومن البديهي ان شريعتنا عامة لجميع البشر ، وما من واقعة إلا ولها فيها حكم ، إلا أن قوله : «فربما يكون الاكتفاء بخبر الواحد ضرورة» لا يتم إلا بضميمة مقدمات أخرى تحصر الطريق فيه ، وهو ما لم يذكر في الدليل ، كما لم يذكره في استدراكه عليه.
الصورة الثانية : ما ذكره صاحب الوافية «وحاصله إنا نعلم تفصيلا ببقاء التكليف بالصلاة والصوم ونحوهما من الضروريات ، وليس لنا علم تفصيلي
__________________
(١) المستصفى : ١ ـ ٩٤.
(٢) سورة سبأ : الآية ٢٨.
(٣) المستصفى : ١ ـ ٩٤.