(١)
السنّة كلها تشريع :
والحديث حول كيفيات الاستفادة منها يدعونا ان نمهد له بالحديث عن تشخيص نفس السنة التي تقع موقع التشريع ، فهي وإن اتفقوا على تعريفها بقول المعصوم وفعله وتقريره إلا أنهم قيدوا حجيتها بما أحرز أنها واردة مورد التشريع ، ولذا قسموها إلى أقسام. يقول في سلّم الوصول ـ وهو كلام جار نظيره على ألسنة الكثير ـ : «ليس كل ما روي عن الرسول عليه الصلاة والسلام من أقواله وأفعاله وتقريراته تشريعا يطالب به المكلفون ، لأن الرسول بشر كسائر الناس اصطفاه الله رسولا لهداية الناس وإرشادهم ، قال تعالى : (قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ)(١) فما صدر منه ينتظم الأقسام الآتية:
١ ـ ما صدر منه بحسب طبيعته البشرية كالأكل ، والشرب ، والنوم ، وما إلى ذلك من الأمور التي مرجعها طبيعة الإنسان وحاجته.
٢ ـ ما صدر منه بحسب خبرته وتجاربه في الحياة وفي الأمور الدنيوية ، وبحسب تقديره الشخصي للظروف والأحوال الخاصة ، وذلك مثل شئون التجارة والزراعة والمسائل المتعلقة بالتدبيرات الحربية ، وما إلى ذلك من الأمور التي يعتمد فيها على مقتضيات الأحوال ومراعاة الظروف.
وهذان القسمان ليسا تشريعا ، لأن مرجع القسم الأول الطبيعة والحاجة البشرية ، ومرد القسم الثاني الخبرة والتجارب في الحياة والتقدير الشخصي
__________________
(١) سورة الكهف : الآية ١١٠.