يمنعهم عن التقرب والوصول إليه ، بل عليه أن يكمل نفوسهم القابلة ، ويرشدهم إلى مناهج الصلاح ، ويحذرهم عن مساقط الهلكة ، وهذا هو السبب في لزوم بعث الرسل وإنزال الكتب ، وعليه فلو اتفقت الأمة على خلاف الواقع في حكم من الأحكام ، لزم على الإمام المنصوب حجة على العباد إزاحة الشبهة بإلقاء الخلاف بينهم ، فمن عدم الخلاف نستكشف موافقة رأي الإمام عليهالسلام دائما ، ويستحيل تخلفه» (١).
وهذه القاعدة ـ لو تمت ـ فهي إنما تتم على رأي الشيعة فحسب لاعتقادهم بوجود الإمام المعصوم ، وهو ما نؤمن به ـ كمقارنين ـ إذا تم ما سبق أن انتهينا إليه في مبحث «سنّة أهل البيت عليهمالسلام».
على أن القاعدة لا تتم في نفسها بالنسبة إلى موضع حديثنا ، لأن القاعدة غاية ما تقتضيه أن يصدر تبليغ الأحكام للناس على النحو المتعارف لا أن يوصلها إلى كل فرد ، وربما يكون الإمام قد بلّغ ، ولم يصل إلى هؤلاء المجتهدين لبعض العوامل التي اقتضت الاختفاء.
والمصلحة التي تقتضي اختفاء الإمام نفسه ، قد تكون متوفرة في اختفاء أحد الأحكام ، فلا يلزم إظهاره على كل حال ، على أن إيقاع الخلاف من شخص مجهول لا يؤثر الأثر المطلوب في بلورة الحكم وإظهاره ، فما قيمة هذا الخلاف؟
ثالثها : ما ذكر من أن الإجماع يكشف عن دليل معتبر عند المجمعين بحيث لو وصل إلينا لكان معتبرا عندنا.
ويرد على هذا الوجه ، أن الدليل إما ان يكون كتابا أو سنة أو حكم عقل أو قياسا ، ولا يمكن أن يكون إجماعا ، إذ لا معنى لأن يكون الإجماع على حكم مستندا للإجماع عليه.
__________________
(١) دراسات : ص ٨٨.