في رأي بعض أساتذتنا عين الطريق ، لأن القطع لديه ليس هو إلا انكشافا ورؤية للمقطوع «ومن الواضح ان ثبوت الشيء لنفسه ضروري والماهية هي هي بنفسها فلا معنى لتوهم جعل الطريقية» (١) لها.
وإذا ثبت أن العلم عين الطريق أو أن الطريقية من لوازمه الذاتيّة على الأقل كان ثبوت الحجية له من اللوازم العقلية القهرية ، وليس وراء الرؤية الكاملة للشيء ما يلزم بصحة الاحتجاج بما كشفت عنه.
ومن هنا ندرك سر التزامهم بعدم إمكان تصرف الشارع في طريقية العلم أو في حجيته ، لأن الشارع انما يملك التصرف في خصوص مخلوقاته ومجعولاته كمشرع ولا يملك أكثر من ذلك ، وهما بعد اتضاح كون أحدهما ذاتيا والآخر من اللوازم العقلية القهرية ليسا من مجعولاته كمشرع وإن دخلا تحت قبضته كخالق ومكون ، بمعنى أنه قادر على إعمال إرادته التكوينية في إزالة القطع عن القاطع فتزول معه طريقيته وحجيته من باب السالبة بانتفاء الموضوع.
أما مع وجود القطع وقيامه في نفس القاطع فرفع طريقيته أو رفع حجيته مما ينهي به إلى الخلف ، لبداهة أن رفع الذاتيات أو رفع لوازمها العقلية يستلزم رفع نفس الشيء وهو ينافي فرض بقائه من وجهة تكوينية ، فالزوجية لما كانت من لوازم العدد المزدوج كالأربعة استحال نفيها عن الأربعة تشريعا ، وإذا استحال النفي التشريعي استحال الإثبات كذلك لانتهائه إلى تحصيل الحاصل ، وهو بديهي الاستحالة.
على ان مثل هذا التصرف الشرعي لو فرض إمكانه من تلكم الجهة لثبتت الاستحالة له من جهات أخرى وأهمها :
١ ـ لزوم التناقض إما واقعا واما بنظر القاطع ، لأن التصرف الشرعي بطريقية
__________________
(١) دراسات الأستاذ آية الله الخوئي قدس سرّه : ٥.