بالفرع أقوى وأوكد منه في الأصل (١) ، ومثاله ما ورد في الكتاب من النهي عن التأفف من الوالدين (فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍ)(٢) القاضي بتحريم ضربهما ، وتوجيه الإهانة إليهما.
٢ ـ مفهوم المخالفة : كمفاهيم الشرط والحصر والوصف والغاية بناء على ثبوتها المستلزم لثبوت الحجية لها ، شريطة ان يفهم أن العلة فيها مستقلة ومتعدية ليستفاد الاطراد منها ـ وهو الّذي يهمنا في حديثنا هذا ـ وان كان استفادة نفي الحكم منها لا يحتاج إلى أكثر من إثبات انحصارها في العلية ، وهو معنى ظهورها في مفهوم المخالفة.
٣ ـ دلالة الاقتضاء : «وهي الدلالة المقصودة للمتكلم التي يتوقف صدق الكلام أو صحته عقلا أو شرعا أو لغة عليها» (٣) إذا كان المحذوف هو العلة ، واستكملت شرائطها بالقرائن ، ومثاله ان يسأل سائل ما عن علة جواز الصلاة خلف العالم العادل أهي العدالة؟ فيجيبه الشارع بلى ، وعندها يستفاد تعميم الحكم إلى كل عادل من هذا الجواب أخذا بعموم العلة.
٤ ـ دلالة الإيماء والتنبيه : وهي الدلالة المقصودة للمتكلم أيضا ، إلا أن الكلام لا يتوقف صدقه أو صحته عليها ، وإنما يقطع أو يستبعد عدم إرادتها ، ومثالها قول الشارع مثلا : طهر فمك لمن قال : شربت ماء متنجسا. مما يستكشف منه ان العلة في التطهير هو استعمال المتنجس وأنه منجس ولا خصوصية للفم.
ج ـ ان لا تكون مدلولة بالدلالة البينة بالمعنى الأخص ، بل بالدلالة غير البينة ، أو البينة بالمعنى الأعم ، كأن تستفاد العلة المنحصرة المستقلة من الجمع بين دليلين أو أكثر ، ويسمى هذا النوع بدلالة الإشارة وتسميتها دلالة لا يخلو من مسامحة.
__________________
(١) القوانين المحكمة : ٢ ـ ٨٧.
(٢) سورة الإسراء : الآية ٢٣.
(٣) أصول الفقه للمظفر : ١ ـ ١١٨.