ولقد وقع الخلط والتداخل بين هذه الأقسام على ألسنة أكثر الباحثين ولا يهم الدخول في تفصيل ما دخلوا فيه ، لعدم ترتب ثمرات على ذلك.
ثانيها : الإجماع ، ولا يقع ذلك إلا إذا قام على معقد له معلل بعلة خاصة فهم منها الاطراد والاستقلال بالعلية ، أو قام الإجماع على نفس العلة المطردة المستقلة. يقول في القوانين المحكمة : «التعدي من قوله عليهالسلام : (اغسل ثوبك من أبوال ما لا يؤكل لحمه) (١) إلى وجوب غسل البدن والإزالة عن المسجد والمأكول والمشروب وغيرها ، إنما هو لأجل استفادة ان علة وجوب الغسل عن الثوب هي النجاسة ، ودليله الإجماع فيجب الاحتراز عنه في كل ما يشترط فيه الطهارة» (٢).
ثالثها : إثباتها من طريق الاستنباط ، وهو أنواع أهمها :
أ ـ طريقة السبر والتقسيم ، ويراد بالسبر الاختبار ، وبالتقسيم استعراض الأوصاف التي تصلح ان تكون علة في الأصل وترديد العلة بينها.
«وخلاصة هذا المسلك ان المجتهد عليه ان يبحث في الأوصاف الموجودة في الأصل ، ويستبعد ما لا يصح ان يكون علة منها ، ويستبقي ما هو علة حسب رجحان ظنه ، وهاديه في الاستبعاد والاستبقاء تحقق شروط العلة بحيث لا يستبقي إلا وصفا ظاهرا منضبطا متعديا مناسبا معتبرا بنوع من أنواع الاعتبار» (٣).
وفي هذا المسلك تتفاوت عقول المجتهدين في مجالات الاستنباط وتختلف اختلافا كبيرا ، وعلى سبيل المثال نرى ان «الحنفية رأوا المناسب في تعليل التحريم في الأموال الربوية القدر مع اتحاد الجنس ، والشافعية رأوه الطعم مع اتحاد
__________________
(١) الكافي : ٣ ـ ٥٧ ، الحديث ٣.
(٢) القوانين المحكمة : ٢ ـ ٨٤.
(٣) علم أصول الفقه لخلاف : ص ٨٧.