والإشكال الّذي يرد على هذا القسم منه ، شمول الأدلة الرادعة عن العمل بالقياس من قبل أهل البيت عليهمالسلام له.
والأدلة الرادعة عن العمل به على نوعين :
١ ـ نوع منها منصب على القياس المتعارف ، وهو الّذي يلتمس فيه حكم الفرع من حكم الأصل لوحدة العلة فيهما ، ومفاد رواياته أن علل الأحكام لا تبلغ بالظنون ، وتنتظم في هذا النوع الكثير من احتجاجات الإمام الصادق عليهالسلام على أبي حنيفة (١).
٢ ـ والنوع الآخر منصب على القياس بالاصطلاح الثاني ، وهو الّذي تتخيل فيه العلل للأحكام ، وتنزل النصوص عليها ، يقول ابن جميع : «دخلت على جعفر ابن محمد ، أنا وابن أبي ليلى ، وأبو حنيفة ، فقال لابن أبي ليلى : من هذا معك؟ قال : هذا رجل له بصر ونفاذ في أمر الدين. قال : لعله يقيس أمر الدين برأيه ، ـ إلى أن يقول والحديث طويل نقتصر منه على موضع الحاجة ـ : يا نعمان ، حدثني أبي عن جدي : أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : أول من قاس أمر الدين برأيه إبليس ، قال الله تعالى له : اسجد لآدم ، فقال : أنا خير منه ، خلقتني من نار وخلقته من طين ، فمن قاس الدين برأيه قرنه الله تعالى يوم القيامة بإبليس ، لأنه اتبعه بالقياس» (٢). ثم قال له جعفر ـ كما في رواية ابن شبرمة ـ : «أيهما أعظم : قتل النّفس أو الزنى؟ قال : قتل النّفس. قال : فإن الله عزوجل قبل في قتل النّفس شاهدين ، ولم يقبل في الزنى إلا أربعة ، ثم قال : أيهما أعظم : الصلاة أم الصوم؟ قال : الصلاة ، قال : فما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟ فكيف
__________________
(١) راجع بحار الأنوار للمجلسي رحمة الله : ٢ ـ ٢٨٦ ـ ٣١٥ و ١٠ ـ ٩٤ و ٢١٢ و ٢٢٠ و ٢٢١. و ١١ ـ ١٠٢ و ١٣٢. و ٤٧ ـ ٢٢٦ و ٦١ ـ ٣٠٦ و ٣١٢ ـ ٣١٤. و ٦٣ ـ ٢٧٤.
(٢) راجع : حلية الأولياء : ٣ ـ ١٩٧.