وخير ما تقرب به دلالة هذه الآية : ان القياس بعد استنباط علته بالطرق الظنية من الكتاب والسنة ، يكون ردّا إلى الله والرسول ، ونحن مأمورون بالرجوع إليهما بهذه الآية ، ومعناه اننا مأمورون بالرجوع إلى القياس عند التنازع ، وليس معنى الأمر بذلك إلا جعل الحجية له.
وهذا التقريب منتزع من مختلف الصور المعروضة لدى المثبتين في توجيهها مع إكمال نقص بعضها ببعض.
ولكن هذا التوجيه لم يتضح بعد لما أورد أو يرد عليه من مؤاخذات وهي :
أ ـ ان دلالة الآية متوقفة على أن يكون القياس الظني ردّا إلى الله والرسول ، وهو موضع النزاع ، ولذلك احتجنا إلى هذه الآية ونظائرها لإثبات كونه ردا.
والمقياس في الرد وعدمه قيام الدليل عليه ، فإن كان هذه الآية لزم الدور بداهة أن دلالتها على حجية القياس المظنون موقوفة على كونه ردا ، وكونه ردا موقوف على دلالتها على حجيته ، على أن القضية لا تثبت موضوعها بالضرورة. وإن كان الدال على كونه ردا غير هذه الآية تحول الحديث إلى حجيته ، ومع قيامها لا نحتاج إلى الاستدلال بهذه الآية.
ب ـ ومع الغضّ عن هذه المناقشة ، فالآية إنما وردت في التنازع والرجوع إلى الله والرسول لفضّ النزاع والاختلاف ، ومن المعلوم أن الرجوع إلى القياس لا يفضّ نزاعا ولا اختلافا لاختلاف الظنون ، بل الرجوع إلى الكتاب والسنة ، كذلك لما يقع فيه المتنازعون عادة من الاختلاف في فهم النصوص ، ومن هنا رأينا أعاظم العلماء والصحابة يختلفون في فتاواهم مع وحدة مصادرهم ، واذن فلا بدّ ان يكون المراد من الآية هو تشريع الرجوع في مقام التخاصم إلى الرسول باعتباره منصوبا من الله عزوجل ومن ينصبه الرسول من أولي الأمر لفظ خصوماتهم ، أي إلى أشخاص القائمين بالحكم بأمر الله ، أو قل إلى أشخاص