الولاة ومن يعينونهم لفض الخصومات.
ومن هنا أعطي لحكم الحاكم أهمية كبرى في الإسلام ، حتى جعل الرادّ عليه رادّا على الله ، وهو على حد الشرك بالله كما طفحت بذلك كثير من الروايات (١).
وعلى هذا ، فالآية أجنبية عن جعل الحجية لأي مصدر من مصادر التشريع قياسا أو غير قياس ، وموردها الرجوع إلى من له حق القضاء والحكم باسم الإسلام لفض الخصومات.
ج ـ ومع تناسي هذه الناحية والتي قبلها ، فإن الآية لا تدل على حجية القياس بقول مطلق إلا بضرب من القياس ، وذلك لورودها في خصوص باب التنازع ، فتعميمها إلى مقام الإفتاء والعمل الشخصي ، لا يتم إلا من طريق السبر والتقسيم أو غيره ، وإذن يكون ظهور الآية في حجية القياس مطلقا موقوفا على حجية القياس ، فإذا كانت حجية القياس موقوفة على هذا الظهور لزم الدور.
٢ ـ قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ دِيارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ ما ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللهِ فَأَتاهُمُ اللهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ)(٢).
وموضع الدلالة منها كلمة «اعتبروا» الظاهرة في جعل الوجوب للاعتبار ، وقد اختلفت كلمتهم في المراد من الاعتبار ، فقال بعضهم : إن المراد منه الاتعاظ ، وقيل كما ـ عن ابن حزم ـ : إن معناه التعجب ، وقيل : إنه مأخوذ من العبور والمجاوزة ، والّذي يرتبط بالقياس هو المعنى الأخير بدعوى ان في القياس عبورا من حكم الأصل ومجاوزة عنه إلى حكم الفرع ، فإذا كنا مأمورين بالاعتبار فقد
__________________
(١) راجع وسائل الشيعة : ١ ـ ٣٤ ، باب ثبوت الكفر والارتداد بجحود بعض الضروريات ، ح ١٢.
(٢) سورة الحشر : الآية ٢.