مثبتو القياس من أهمية لهذا الحديث ، فإننا سنحاول ان نطيل التحدث فيه نسبيا.
والحديث كما رواه «أحمد (١) ، وأبو داود (٢) ، والترمذي (٣) ، وغيرهم ، من حديث الحارث بن عمر بن أخي المغيرة بن شعبة ، قال : حدثنا ناس من أصحاب معاذ عن معاذ قال : لما بعثه صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى اليمن ، قال : كيف تقضي إذا عرض لك قضاء؟ قال : أقضي بكتاب الله ، قال : فإن لم تجد في كتاب الله؟ قال : فبسنة رسول الله ، قال : فان لم تجد في سنة رسول الله ، ولا في كتاب الله؟ قال أجتهد رأيي ولا آلو ، قال فضرب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم صدره ، وقال : الحمد لله الّذي وفق رسول رسول الله لما يرضاه رسول الله» (٤).
وخير ما يقرب به هذا الحديث ـ من وجهة دلالية ـ أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أقر الاجتهاد بالرأي في طول النص بإقراره لاجتهاد معاذ ، وهو شامل بإطلاقه للقياس ، ويرد على الاستدلال بالرواية :
١ ـ انها ضعيفة بجهالة الحارث بن عمرو ، حيث نصوا على أنه مجهول وبإغفال راويها لذكر من أخذ عنهم الحديث من الناس من أصحاب معاذ.
«قال في عون المعبود : وهذا الحديث أورده الجوزقاني في الموضوعات وقال : هذا حديث باطل رواه جماعة عن شعبة ، وقد تصفحت هذا الحديث في أسانيد الكبار والصغار ، وسألت من لقيته من أهل العلم بالنقل عنه ، فلم أجد له طريقا غير هذا ، والحارث بن عمرو بن أخي المغيرة بن شعبة مجهول ، وأصحاب معاذ من أهل حمص لا يعرفون ، ومثل هذا الإسناد لا يعتمد عليه في أصل الشريعة ، فان قيل : ان الفقهاء قاطبة أوردوه واعتمدوا عليه ، قيل : هذا طريقه والخلف قلد
__________________
(١) مسند أحمد ، باب حديث معاذ بن جبل ، ح ٢١٥٩٥.
(٢) سنن أبي داود ، كتاب الأقضية ، باب اجتهاد الرّأي في القضاء ، ح ٣٥٩٢.
(٣) صحيح الترمذي ، كتاب الأحكام ، باب ما جاء في القاضي كيف يحكم ، ح ١٣٢٧.
(٤) إرشاد الفحول : ص ٢٠٢.