فيه السلف ، فان أظهروا طريقا غير هذا مما يثبت عند أهل النقل رجعنا إلى قولهم ، وهذا مما لا يمكنهم البتة» (١).
وما أدري من من السلف تلقاه بالقبول غير مثبتي القياس؟! وهم لا يصلحون لتقوية حديث هذا سنده لكونهم من المتأخرين ، وأخذهم به لا يكشف عن قوة في سنده خفيت علينا عادة وبخاصة وقد أوردوه كغيره من الأحاديث دليلا على الأخذ بالقياس ، فلو كان مجرد أخذهم به يوجب تقويته له ، لكان حال ما أخذوا به من الأحاديث الضعيفة حاله في التقوية وهو ما لم يدّعوه لها على الإطلاق.
٢ ـ إن هذا الحديث غير وافي الدلالة على ما سبق لإثباته ، وذلك :
أ ـ لأن إقرار النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لمعاذ ـ لو صحّت الرواية ـ ربما كان لخصوصية يعرفها النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فيه تبعده عن الوقوع في الخطإ ومجانبة الواقع ، وإلا لما خوله هذا التخويل المطلق في استعمال الرّأي ، ومن عدم الاستفصال والاستفسار عن أقسام الرّأي التي يستعملها في مجالات اجتهاده مع كثرة ما في هذه الأقسام من الآراء التي سلّم عدم حجيتها حتى من قبل القائلين بالقياس ندرك هذه الخصوصية ولا أقل من احتمالها.
ومع هذا الاحتمال لا يتم الاستدلال به إلا بعد دفع الخصوصية ، وهي لا تدفع إلا بضرب من القياس الظني ، ولزوم الدور به في هذا النوع من الاستدلال واضح بداهة ان دلالة الحديث تكون موقوفة على حجية هذا النوع من القياس ، فإذا كانت حجية هذا النوع من القياس موقوفة عليها لزم الدور.
ب ـ ان هذا الحديث وارد في خصوص باب القضاء ، وربما اختص باب القضاء بأحكام لا تسري إلى عالم الإفتاء ، لما تقتضيه لوازم فض الخصومات من استعمال بعض العناوين الثانوية أحيانا ، فتعميمه إلى عوالم الإفتاء والعمل
__________________
(١) هامش الأحكام السلطانية : ص ٤٦.