هل أخبرته أني أقبّل وأنا صائم» (١) وإنما ذكر ذلك فيما يقول الآمدي تنبيها على قياس غيره عليه.
ومنها : قوله لما سئل عن بيع الرطب بالتمر : «أينقص الرطب إذا يبس؟ فقالوا : نعم ، فقال : فلا إذن» (٢).
والجواب على هذه الأحاديث ككل ومعها غيرها مما لم نذكره من أحاديث الباب:
١ ـ إن هذه الأحاديث لو كانت واردة في مقام جعل الحجية للقياس ، فغاية ما يستفاد منها جعل الحجية لمثل أقيسته صلىاللهعليهوآلهوسلم مما كان معلوم العلة لديه كما هو مقتضى ما تلزم به رسالته من كونه لا يعدو في تشريعاته ما أمر بتبليغه من الأحكام.
ومثل هذا العلم بالحكم لا يتوفر إلا عند العلم بالعلة في الفرع ، على ان نسبة ما يصدر منه للقياس موقوف على إمكان صدور الاجتهاد منه ، أما إذا نفينا ذلك عنه ، وقصرنا جميع تصرفاته على خصوص ما يتلقاه من الوحي (إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى)(٣) فتشبيه قياساتنا بقياساته وإثبات الحجية لها على هذا الأساس قياس مع الفارق الكبير ، وقد أشار عمر بن الخطاب إلى هذا الفارق في بعض خطبه بقوله : «يا أيها الناس ، ان الرّأي إنما كان من رسول الله مصيبا ، لأن الله كان يريه ، وإنما هو منا الرّأي والتكلف» (٤).
ومع هذا الفارق ، كيف يمكن لنا أن نسري الحكم إلى قياساتنا المظنونة؟ أليست صحة هذه التسرية إليها مبنية على ضرب من القياس المظنون ، وهو
__________________
(١) الأحكام للآمدي : ٣ ـ ٧٨.
(٢) المصدر السابق.
(٣) سورة النجم : الآية ٤.
(٤) إبطال القياس لابن حزم : ص ٥٨.