ومنه قول عمر : «أقضي في الجد برأيي ، وأقول منه برأيي» (١).
وعن ابن مسعود رضي الله عنه : «سأقول فيها بجهد رأيي ، فإن كان صوابا فمن الله وحده ، وان كان خطأ فمني ومن الشيطان ، والله ورسوله بريء» (٢).
ولم يرد في رواية عن أحدهم لفظ الأخذ بالقياس إلا نادرا ، كقول عمر في رسالته إلى أبي موسى الأشعري : «اعرف الأشباه والأمثال وقس الأمور» (٣).
وهي رسالة قال عنها ابن حزم : إنها موضوعة مكذوبة عليها ، وراويها «عبد الملك بن الوليد بن معدان عن أبيه ، وهو ساقط بلا خلاف ، وأبوه أسقط منه ، أو من هو مثله في السقوط» (٤).
والنقاش في هذا الإجماع واقع صغرى وكبرى ، أما الصغرى فبإنكار وجود مثله عادة لأن مثل هذه الروايات ـ لو تمت دلالتها على القياس ـ فإنما هي صادرة من أفراد من الصحابة امام أفراد ، فكيف اجتمع عليها الباقون منهم ، واتفقوا على فحواها؟ ولعل الكثير منهم لم يكن في المدينة عند صدورها.
ومن المعلوم ان ميادين الجهاد والبلدان المفتوحة والثغور وغيرها ، أخذت كثيرا من الصحابة ولاة وعمالا وجندا وقادة ، فكيف عرف اتفاقهم على هذه المضامين حتى كونوا إجماعا ، ومن هو الجامع لكلمتهم؟ وما يدرينا ان بعضهم سمع بشأن هذه الأحكام وأنكرها ولم يصل إلينا؟ ومجرد عدم العلم بإنكاره لعدم النقل لا يخلق لنا علما بالعدم ، وهو الّذي يفيدنا في الإجماع لتصحيح نسبة السكوت إليهم المستلزم للاطلاع وعدم الإنكار.
وأما المناقشة من حيث الكبرى ، فبالمنع من حجية مثل هذا الإجماع ، وذلك
__________________
(١) الأحكام : ٣ ـ ٨١.
(٢) المحلى : ١ ـ ٦١.
(٣) المصدر السابق : ١ ـ ٥٩.
(٤) المصدر السابق.