فِي شَيْءٍ)(١) ، وقال عليهالسلام : «لا تختلفوا فتختلف قلوبكم» (٢) ، وقد قال عزوجل في مدح الاجتماع : (وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ما أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ)(٣) ، وقال عليهالسلام : «كونوا عباد الله إخوانا».
ومن تأمل ما حدث بين أئمة المذاهب من التشاجر والتنافر ، علم صحة ما قلنا ، حتى أن المالكية استقلوا بالمغرب ، والحنفية بالمشرق ، فلا يقار أحد المذهبين أحدا من غيره في بلاده إلا على وجه ما ، وحتى بلغنا أن أهل جيلان من الحنابلة إذا دخل إليهم حنفي قتلوه ، وجعلوا ماله فيئا حكمهم في الكفار ، وحتى بلغنا أن بعض بلاد ما وراء النهر من بلاد الحنفية ، كان فيه مسجد واحد للشافعية وكان والي البلد يخرج كل يوم لصلاة الصبح فيرى ذلك المسجد فيقول : أما آن لهذه الكنيسة أن تغلق؟ فلم يزل كذلك ، حتى أصبح يوما وقد سد باب ذلك المسجد بالطين واللبن فأعجب الوالي ذلك.
ثم ان كلا من اتباع الأئمة ، يفضل إمامه على غيره في تصانيفهم ومحاوراتهم ، حتى رأيت حنفيا صنّف مناقب أبي حنيفة ، فافتخر فيها باتباعه ، كأبي يوسف ومحمد وابن المبارك ونحوهم ، ثم قال : يعرض بباقي المذاهب :
أولئك آبائي فجئني بمثلهم |
|
إذا جمعتنا يا جرير المجامع. |
وهذا شبيه بدعوى الجاهلية وغيره كثير ، وحتى ان المالكية يقولون : الشافعي غلام مالك ، والشافعية يقولون : أحمد بن حنبل غلام الشافعي ، والحنابلة يقولون : الشافعي غلام أحمد بن حنبل.
وقد ذكره أبو الحسن القرافي في الطبقات من اتباع أحمد.
والحنفية يقولون : ان الشافعي غلام أبي حنيفة لأنه غلام محمد بن الحسن ،
__________________
(١) سورة الأنعام : الآية ١٥٩.
(٢) صحيح مسلم : كتاب الصلاة ، الحديث : ٦٥٤.
(٣) سورة الأنفال : الآية ٦٣.