ومحمد غلام أبي حنيفة ، قالوا لو لا أن الشافعي من اتباع أبي حنيفة لما رضينا أن ننصب معه الخلاف. وحتى أن الشافعية يطعنون بان أبا حنيفة من الموالي ، وانه ليس من أئمة الحديث ، وأحوج ذلك الحنفية إلى الطعن في نسب الشافعي وانه ليس قرشيّا بل من موالي قريش ، ولا إماما في الحديث لأن البخاري ومسلما أدركاه ولم يرويا عنه ، مع أنهما لم يدركا إماما إلا رويا عنه ، حتى احتاج الإمام فخر الدين والتميمي في تصنيفيهما مناقب الشافعي إلى الاستدلال على هاشميته ، وحتى جعل كل فريق يروي السنّة في تفضيل إمامه ، فالمالكية رووا : «يوشك أن تضرب أكباد الإبل ولا يوجد أعلم من عالم المدينة». قالوا : وهو مالك ، والشافعية رووا : «الأئمة من قريش ، تعلموا من قريش ولا تعلموها» ، أو «عالم قريش ملأ الأرض علما» ، قالوا : ولم يظهر من قريش بهذه الصفة إلا الشافعي.
والحنفية ، رووا : «يكون في أمتي رجل يقال له النعمان هو سراج أمتي ، ويكون فيهم رجل يقال له محمد بن إدريس هو أضر على أمتي من إبليس».
والحنابلة رووا : «يكون في أمتي رجل يقال له أحمد بن حنبل يسير على سنتي سير الأنبياء» أو كما قال فقد ذهب عني لفظه.
وقد ذكر أبو الفرج الشيرازي في أول كتابه المنهاج : واعلم ان هذه الأحاديث ما بين صحيح لا يدل ، ودال لا يصح. أما الرواية في مالك والشافعي فجيدة لكنها لا تدل على مقصودهم لأن عالم المدينة ان كان اسم جنس فعلماء المدينة كثير ولا اختصاص لمالك دونهم ، وان كان اسم شخص فمن علماء المدينة الفقهاء السبعة وغيرهم من مشايخ مالك الذين أخذ عنهم وكانوا حينئذ أشهر منه ، فلا وجه لتخصيصه بذلك وإنما حمل أصحابه على حمل الحديث عليه كثرة أتباعه وانتشار مذهبه في الأقطار ، وذلك أمارة على ما قالوا ، وكذلك الأئمة من قريش لا اختصاص للشافعي به ، ثم هو محمول على الخلفاء في ذلك ، وقد احتج به أبو بكر