النّظر فيها موضعا لاتفاق الكلمة وبخاصة إذا وسعنا الأمر إلى عوالم الظنون بها والأوهام؟ وهل تكفي مواضع الاتفاق منها لإقامة شريعة إذا تجردنا عن النصوص؟
وبهذا يتضح الجواب على ما أورده على نفسه من إشكال وأجاب عليه ، فكون الاختلاف رحمة وسعة مما لا إشكال فيه أصلا إذا كان في حدود البحث الموضوعي ، والّذي يدل عليه كل ما يدل على وجوب المعرفة المستلزمة حتما للاختلاف من آيات وأحاديث ، ومعارضتها بمفسدة الأخذ بالرخص لا تعتمد على أساس.
فالآخذون بالرخص اما ان يكونوا معتمدين على حجة ، كأن يكون هناك مرجع مستوف لشرائط التقليد يسيغ لهم ذلك ، فالأخذ بها لا يشكل مفسدة وأصحابها معذورون ، واما ان لا يكونوا على حجة ، وهؤلاء لا حساب لنا معهم لتمردهم على أصل الشريعة في عدم الركون في تصرفاتهم على أساس ، وكونهم يستغلون الرخص لتبرير أعمالهم أمام الرّأي العام ، فانما هو من قبيل الخداع والتمويه ، ولو لم تكن هناك رخص لارتكبوا هذه الأعمال والتمسوا لها مبررات غير هذه.
وكون الاختلاف مانعا من دخول أهل الذّمّة إلى الإسلام هو الآخر لا يخلو من غرابة ، فان هؤلاء ان كانوا على درجة من الثقافة عرفوا ان هذا المقدار من الاختلاف مبرر في جميع الشرائع ، بل هو مما تقتضيه الطبيعة البشرية لاستحالة اتفاق الناس في فهم جميع ما يتصل بشئون شرائعهم ، بل جميع ما يتصل بشئونهم الحياتية وغيرها ، ومتى منع الاختلاف أحدا من الدخول في الإسلام؟!
وهناك أدلة أخرى له لا تستحق ان تعرض ويطال فيها الحديث وأجوبتها تعرف مما سبق ان عرضناه في مبحث القياس.