حكم الشارع منه ، أما إذا أريد منه العرف في مجاليه الآخرين ـ أعني ما أوكل الشارع تحديد موضوعاته إليه ، أو ما استكشف منه مرادات المتكلمين ـ فهو وان كان حجة ـ بمعنى انه المرجع لتحديد المراد أو تشخيص الموضوع ـ إلا أنه لا يشكل كبرى كلية تقع في طريق الاستنباط ليكون أصلا في مقابل الأصول ، وإنما وظيفته تنقيح الصغريات لموضوع الحكم الكلي ، أو الصغريات لقياس الاستنباط ، وحال الثالث منه في بعض صوره حال مباحث الألفاظ في تنقيح الظهور للسنة أو الكتاب.
ولعل مراد العلامة الشيخ إبراهيم الرياحي التونسي من قوله : «والعرف المعتبر هو ما يخصص العام ويقيد المطلق» (١) ، هو هذا القسم ـ أعني خصوص الّذي يستكشف منه مرادات الشارع فيما يصلح ان يكون قرينة عليها.
وبهذا ندرك أنه لا موضع للإطلاق في أمثال هذه الكلمات التي اشتهرت على ألسنة كثير من الفقهاء والحقوقيين :
«العرف في الشرع له اعتبار».
«العرف شريعة محكمة».
«التعيين بالعرف كالتعيين بالنص».
«الثابت بالعرف كالثابت بالنص».
«العادة محكمة».
وأمثالها من التعميمات التي لا تستند بعمومها على أساس.
__________________
(١) مصادر التشريع : ص ١٢٥.