المعلوم هنا ان هذا الماء الّذي يراد إثبات الكرّية له غير معلوم الكرّية سابقا ، وإنما المعلوم هو وجود الكر في البيت ، وليست الملازمة بينه وبين الكرّية إلا من حيث البقاء ، إذ لازم بقاء الكر في البيت هو ثبوت الكرّية للموجود.
وقد اختلفوا في حجيته ، فالذي عليه الكثير من قدامي الأصوليين هو ثبوت الحجية له بادعاء تناول أدلة الاستصحاب لمثله.
والّذي عليه محققو المتأخرين عدم الحجية لوضوح افتقاده لبعض الأركان التي انتزعناها من أدلة الحجية ـ فيما مضى ـ وهو وجود اليقين السابق والشك اللاحق ، ومن البين هنا انه لا يقين بكرّية هذا الموجود سابقا لتستصحب ، وإنما اليقين بوجود الكر ، ومع فقد اليقين السابق لا مجال لترتيب آثار الاستصحاب لفقده ركنا من أركانه وهو اليقين.
وتقريب آخر لعدم الحجية ، ان الّذي استفدناه من أدلة الاستصحاب ان من أركانه التي اعتبرها الشارع وحدة المتعلق لليقين والشك ليصدق النهي عن نقض اليقين بالشك ، إذ مع اختلاف المتعلق لا معنى لأن ينقض اليقين بالشك ، ومتعلق اليقين الّذي بأيدينا هو وجود الكر سابقا لا كرّية الموجود لفرض جهالة حالته السابقة ، والمشكوك الّذي نريد معرفة حكمه هو الكر الموجود لا وجود أصل الكر لعدم الثمرة الشرعية بالنسبة لمعرفته لنا فعلا ، فمتعلق الشك اذن غير متعلق اليقين ، ومع عدم وحدة المتعلق في الشك واليقين ـ موضع احتياجنا ـ لا مجال للاستصحاب لفقده ركنا من أركانه أيضا.
فسواء فقد الأصل المثبت ذلك الركن أم هذا ، لا مجال للقول بحجيته.
وأهم ما أورد في هذا المجال ان ما يقتضيه قياس المساواة هو القول بالحجية ، بتقريب ان الواسطة العرفية أو العقلية من آثار المتيقن سابقا ، والحكم أو الموضوع الشرعي الّذي يراد إثباته من آثار الواسطة وأثر الأثر أثر ، فالدليل الدال على