كان عليه الرومان من الاعتراف بالاجتهاد كمصدر من مصادر الحقوق» (١).
وفي حدود ما اطلعت عليه ، إن الكلمة بعد لم تتفق لدى علماء القانون على وضع أصول وقواعد تفي بحاجات الناس ، سواء ما يتصل بالطرق التفسيرية الداخلية أم الخارجية «وهذا ما جعل القاضي يفسر القانون ـ حين الاقتضاء ـ تبعا لمواهبه المسلكية وحسب ذمته تحت مراقبة مجلس التمييز ، وهو يستوحي ذلك من روح القانون التي أراد الشارع بلوغها ، ومن الوثائق التي سبقت وضع القانون وأعدته. ومن هنا يفهم كم هي خطرة هذه السلطة من التفسير» (٢).
ومن هذا العرض الموجز ، ندرك مواقع الالتقاء بين أصول الفقه المقارن وأصول القوانين في اهتمام كل منهما بالجانب التأريخي.
فالمقارن في الدرجة الأولى مسئول عن التماس القواعد العامة التي يستند إليها الفقهاء ليتعرف عليها تمهيدا للموازنة والتقييم ، والباحث عن مصادر القانون لا يهمه أكثر من «استيعاب المبادئ الأساسية التي يقوم عليها القانون» (٣) وهما في هذه الجنبة يختلفان عن الباحث في علم الأصول في رأي جمهرة الأصوليين ، فهو عند ما يبحث المصادر لا يبحثها إلا لتكون مستندا له في استنباط الأحكام ، فهو لا يفترض آراء مسبقة في الفقه يريد أن يتعرف على أصولها ، شأن الباحث المقارن أو الباحث في أصول القانون ، وانما يريد أن يتعرف على أحكامه من هذه الأصول.
ويفترق أصول الفقه المقارن عن أصول القوانين في اهتمامه بالجانب التقييمي بالتماس الأدلة والحجج ، ومحاولة عرض الأصول عليها ، والتنبيه على أقربها للحجية ، بينما لا يهم الباحث في أصول القوانين شيء من ذلك. ويفترقان بعد ذلك
__________________
(١) المصدر السابق : ٣٣٥.
(٢) المصدر السابق : ٧ وما بعدها ، نقلا عن الموسوعة الفرنسية.
(٣) مباحث الحكم عند الأصوليين : ٤٠.