.................................................................................................
______________________________________________________
الكراهة بعدها ، مناف للأصول المقرّرة ، لأنّ الحمل لا يخلو في نفس الأمر عن أحد التقديرين فان كان عن نكاح صحيح حرم حتى الوضع ، وإن كان عن زنا لم يحرم في الحال.
والتحقيق في الجواب عن الإشكال أن نقول :
المراد بالزنا كما جزم به العلامة في كتاب فتواه ، أعني المعتمد ، وجاز اختصاص التحريم في هذا الموضع لخصوصية المسألة ، من حيث انّه داخل تحت مسمّى الاستبراء ، فيكون هذا النصاب قدر استبراء الحامل ، كما أنّ الحيضة قدر استبراء الحائل ، ولعلّ حكمة التخصيص إمّا لكون ذلك تكليفا للمشتري حذرا من التوثب على الفروج ، لأنّ المملوكة في محل الطمع ، وإمّا لأنّه قبل النصاب تشتدّ ملابسة الحمل بالواطئ ، لا أنه يصير جزءا من الرجل لانعقاده قبل وطيه ، بل لأنّ الجماع يثير الطمث ويفعل في مزاج المرأة ما يغير مزاج اللبن ، وهو غذاء الطفل وعليه نموّه ، ومنه تحريم المحلّل إذا ارتضع بلبن خنزيرة ، فلهذا حكمنا بنشر الحرمة في الرضاع وقلنا يصير صاحب اللبن أبا وليس مرتضعا من لبنه ، وجعل الشارع الحرمة المنتشرة في الفحل الى المرتضع أقوى من حرمة المرتضعة ، حيث حرّم على الصبيّ كل من ينسب إلى الفحل ولادة ورضاعا ومن ينسب إلى المرضعة ولادة خاصة ، مع انه يتغذى من لبنها وتشتد لحمه عليه ، وهو من دمها ، وليس ذلك إلّا لكون جماع الرجل يؤثّر في مزاج المرأة وفي لبنها كيفية توجب له تغييرا ، ويؤيّد هذا التأويل ما روي عنه صلّى الله عليه وآله : لا تقتلوا أولادكم غيلة (١) قالوا : معناه ، لا تجامعوا المرضعات فان الجماع يثير الطمث ويفسد اللبن ، ولهذا لا ينعقد الإيلاء لو كان وقوعه لصلاح اللبن ، والله أعلم.
__________________
(١) عوالي اللئالى : ج ٣ باب التجارة ص ٢٢٦ الحديث ١٠٧ ولا حظ ما علق عليه.