مع (١) أنّ ظاهرهم عدم تملّك العوض (٢) بمجرد تملّك الموهوب له الهبة (٣) ، بل (٤) غاية الأمر أنّ المتّهب لو لم يؤدّ (٥) العوض كان للواهب الرجوع
______________________________________________________
(١) غرضه الاستدلال ـ على أجنبية الهبة المعوّضة عن باب المعاوضات ـ بفتوى الأصحاب بأنّ المتّهب يتملّك العين الموهوبة بمجرّد قبول الهبة سواء وفى بالشرط أم لم يف به. قال المحقق : «ولا يجبر الموهوب له على دفع المشترط ، بل يكون بالخيار» (١) يعني : يكون المتّهب مخيّرا بين التعويض وردّ العين الموهوبة إلى الواهب ، فلو امتنع عن دفع العوض تخيّر الواهب ـ بمقتضى الشرط ـ بين الرجوع والإمضاء ، ومن المعلوم أنّ جواز رجوع الواهب كاشف عن تملّك الموهب له ـ ولو بالملك المتزلزل ـ للعين الموهوبة قبل الوفاء بالشرط. ولو كان تملّكه لها منوطا بالعمل بالشرط لم يبق وجه لأن يكون الواهب بالخيار ، لبطلان أصل العقد حينئذ.
وعليه فليست الهبة المشروط فيها الثواب من سنخ المعاوضات ، لاقتضاء المعاوضة ملكيّة كلّ واحد من المالين في رتبة الآخر ، فحكمهم بتملّك المتهب ـ قبل أن يهب العوض للواهب ـ دليل على خروج الهبة عن المعاوضات.
(٢) يعني : عدم تملّك الواهب للعوض قبل أن يهبه المتّهب ، فمجرّد عقد الهبة المعوّضة لا يقتضي تحقّق ملكيّة كلّ منهما في آن ملكية الآخر.
(٣) مفعول لقوله : «تملك» والمراد بالهبة هنا : العين الموهوبة.
(٤) يعني : ليس شرط العوض في الهبة كالبيع الموجب لتملّك كلّ من المتعاملين لكلّ من العوضين في رتبة واحدة ، بل غاية ما يترتب على هذا الشرط هي : أنّ الواهب يتسلّط على الرجوع عن هبته لو لم يف المتّهب بالشرط ، إذ ليست حينئذ هبة معوّضة ، فهي وإن لم تكن باطلة من أوّل الأمر ، لكنها جائزة كما هو الأصل في الهبة.
(٥) المقصود من الأداء هو الهبة الواجبة على المتّهب من جهة الشرط.
__________________
(١) شرائع الإسلام ، ج ٢ ، ص ٢٣٢