بناء (١) على أنّ العقد هو مطلق العهد كما في صحيحة عبد الله بن سنان (١) ، أو العهد المشدّد كما عن بعض أهل اللغة (٢) ، وكيف كان (٣) فلا يختص (٤)
______________________________________________________
المباركة ـ بمقتضى الإطلاق ـ تدل على وجوب الوفاء بالعقد في كل حال وفي كل زمان ، فالتصرفات الواقعة بعد الفسخ محرّمة أيضا ، لكونها نقضا للعقد ، وينتزع من حرمة هذه التصرفات تكليفا فساد الفسخ وضعا ، وعدم ارتفاع العقد به بناء على ما حرّر في الأصول من انتزاع الوضع من التكليف وعدم تأصّله في الجعل ، هذا.
(١) قد عرفت وجه هذا التقييد ، وأنّ الاستدلال بالآية يتوقف على أحد القولين في المراد بالعقد.
أحدهما : مطلق العهد ، كما رواه عليّ بن إبراهيم في تفسيره ـ بسند صحيح ـ عن الصادق عليهالسلام.
ثانيهما : خصوص العهد المشدّد ، كما ورد في كلام جمع من اللغويين.
وأمّا لو كان المراد بالعقود في هذه الآية المباركة أمورا أخر ـ كما تقدمت في كلام مجمع البيان ـ كانت أجنبية عمّا نحن فيه.
(٢) كالفيروزآبادي والجوهري والبيضاوي ، ونحوهم صاحب معيار اللغة.
(٣) أي : سواء أكان العقد مطلق العهد أم خصوص المشدّد يتجه الاستدلال ، لعدم اختصاص مطلق العهد ـ ولا خصوص المشدّد منه ـ باللفظ ، لصدقه على إنشائه بالفعل أيضا.
وبالجملة : فالمراد بالوفاء بالعقد هو العمل به مستمرّا ، ويقابله الحلّ والنقض. والمقصود بالأمر هو وجوب الوفاء تكليفا في جميع الأزمنة التي منها زمان فسخ أحدهما ، فلا ينفذ الفسخ في انحلال العقد.
(٤) أي : لا يختص العقد باللفظ كما قيل ، إذ المعاقدة كما تحصل بالقول كذلك تحصل بالفعل ، فتكون المعاطاة عقدا ، حيث إنّ المراد بالشّد مطلق الربط وإن لم يكن لازما ، ولذا يمكن الجمع بين التفسير بالعهد الموثق وبين حسن الوفاء به ، وهو كالمفسّر لسائر كلمات أهل اللّغة ممّن عبّر بالشّد كالقاموس والمعيار والمنجد وأقرب الموارد ، فالمراد بالأحكام
__________________
(١) تفسير القمي ، ج ١ ، ص ١٦٠.