الحبس ما بقيت ، وبقيت ، ولأحرمنّك العطاء ، ما كان لي سلطان ، ثم سافر في الساعة التي نهاه عنها فلقي القوم فقتلهم ، وهي وقعة «النّهروان» الثابتة في «صحيح مسلم» ، ثم قال : لو سرنا في الساعة التي أمرنا بها ، وظفرنا ، وظهرنا لقال : إنّما كان ذلك تنجيمي وما كان لمحمدصلىاللهعليهوسلم منجم ، ولا لنا من بعده ، وقد فتح الله علينا بلاد كسرى وقيصر وسائر البلدان ، ثم قال: يا أيها الناس ، توكلوا على الله وثقوا به ، فإنه يكفي ممن سواه.
قوله : (فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً) ، يعني : ملائكة يحفظونه من أنيقرب منه شيطان ، فيحفظ الوحي من استراق الشياطين والإلقاء إلى الكهنة.
قال الضحاك : ما بعث الله نبيا إلا ومعه ملائكة يحرسونه من الشياطين ، أن يتشبهوا له بصورة الملك فإذا جاءه شيطان في صورة الملك ، قالوا : هذا شيطان فاحذره ، وإن جاء الملك قالوا : هذا رسول ربّك (١).
وقال ابن عباس وابن زيد : «رصدا» ، أي : حفظة يحفظون النبي صلىاللهعليهوسلم من أمامه ، وورائه من الجن ، والشياطين (٢).
وقال قتادة وسعيد بن المسيّب : هم أربعة من الملائكة حفظة يحفظون الوحي بما جاء من عند الله (٣).
وقال الفرّاء : فالمراد جبريل كان إذا نزل بالرسالة نزل معه ملائكة يحفظونه من أن يستمع الجن الوحي ، فيلقونه إلى كهنتهم ، فيسبقوا به الرسول.
وقال السديّ : «رصدا» أي : حفظة يحفظون الوحي ، مما جاء من عند الله ، وما ألقاه الشيطان قالوا : إنه من الشيطان ، و «رصدا» نصب على المفعول.
قال الجوهريّ (٤) : «والرّصد : القوم يرصدون كالحرس ، يستوي فيه الواحد والجمع والمذكر والمؤنث وربما قالوا : أرصاد ، والراصد للشيء : الراقب له ، يقال : رصده يرصده رصدا ورصدا ، والترّصّد : الترقب ، والمرصد : موضع الرصد».
قوله : (لِيَعْلَمَ). متعلق ب «يسلك».
والعامة : على بنائه للفاعل ، وفيه خلاف. أي : ليعلم محمد صلىاللهعليهوسلم أن الرسل قبله قد أبلغوا الرسالة ، قاله مقاتل وقتادة.
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٢٧٦) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٤٣٩) وزاد نسبته إلى عبد بن حميد.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٢٧٦).
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٢٧٧) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٤٣٨) وزاد نسبته إلى عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ في «العظمة».
(٤) ينظر : الصحاح ٢ / ٤٧٤.