نصفه ، وهو الربع ، أو زد عليه نصفه ، وهو الربع ، فيصير المجموع ثلاثة أرباع ، فيكون مخيرا بين أن يقوم تمام النصف ، أو ربع الليل ، أو ثلاثة أرباعه ، وحينئذ يزول الإشكال بالكلية ، لأن الربع أقل من الثلث ، وذلك أن قوله تعالى : (إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ) يدل على أنه صلىاللهعليهوسلم لم يقم ثلثي الليل ، ولا نصفه ولا ثلثه ، لأن الواجب لما كان هو الربع فقط ، لم يلزم ترك قيام الثلث.
الوجه الخامس : أن يكون (إِلَّا قَلِيلاً) استثناء من القيام ، فيجعل «الليل» اسم جنس ، ثم قال : (إِلَّا قَلِيلاً) ، أي : إلا الليالي التي تخلّ فيها ، أي تترك في قيامها القدر البين ونحوه ، وهذا النظر يحسن مع القول بالندب ، قاله ابن عطية ، احتمالا من عنده وهذا خلاف الظاهر ، وهو تأويل بعيد.
السادس : قال الأخفش : الأصل قم الليل إلا قليلا أو نصفه ، قال : كقولك : «أعطه درهما درهمين ثلاثة».
وهذا ضعيف جدا ، لأن فيه حذف حرف العطف ، وهو ممنوع ، لم يرد منه إلا شيء شاذ ممكن تأويله ، كقولهم : «أكلت لحما سمكا تمرا».
وقول الآخر : [الخفيف]
٤٩٢٠ ـ كيف أصبحت كيف أمسيت ممّا |
|
ينزع الودّ في فؤاد الكريم (١) |
أي : «لحما وسمكا وتمرا» ، وكذا : كيف أصبحت ، وكيف أمسيت ، وقد خرج الناس هذا على بدل النداء.
السابع : قال التبريزي : الأمر بالقيام ، والتخيير في الزيادة ، والنقصان وقع على الثلثين في آخر الليل ، لأن الثلث الأول وقت العتمة ، والاستثناء وارد على المأمورية ، فكأنه قال : قم ثلثي الليل إلا قليلا أي ما دون نصفه (أَوْ زِدْ عَلَيْهِ) ، أي على الثلثين ، فكان التخيير في الزيادة ، والنقصان واقعا على الثلثين ، وهذا كلام غريب لا يظهر من هذا التركيب.
الثامن : أن «نصفه» منصوب على إضمار فعل ، أي : قم نصفه ، حكاه مكي عن غيره ، فإنه قال : «نصفه» بدل من «الليل».
وقيل : «انتصب على إضمار : قم نصفه».
قال شهاب الدين (٢) : «وهذا في التحقيق ، هو وجه البدل الذي ذكره أولا ، لأن البدل على نية تكرار العامل».
__________________
(١) تقدم.
(٢) ينظر : الدر المصون ٦ / ٤٠٤.