قال الماورديّ : ولهم في تأويل الآية وجهان :
أحدهما : المعنى : وقلبك فطهر من الإثم والمعاصي قاله ابن عباس وقتادة (١).
الثاني : وقلبك فطهر من القذر ، أي : لا تقذر فتكون دنس الثياب وهو ما يروى عن ابن عباس أيضا (٢) ، واستشهدوا بقول غيلان بن سلمة الثقفي : [الطويل]
٤٩٤٧ ـ فإنّي بحمد الله لا ثوب غادر |
|
لبست ولا من غدرة أتقنّع (٣) |
ومن قال : المراد به النفس ، قال : معناه ونفسك فطهر ، أي : من الذنوب ، والعرب تكني عن النفس بالثياب. قاله ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ ؛ ومنه قول عنترة : [الكامل]
٤٩٤٨ ـ فشككت بالرّمح الطّويل ثيابه |
|
ليس الكريم على القنا بمحرّم (٤) |
وقول امرىء القيس المتقدم. ومن قال : بأنه الجسم قال : المعنى وجسمك فطهر من المعاصي الظاهرة ، ومنه قول ليلى تصف إبلا : [الطويل]
٤٩٤٩ ـ رموها بأثواب خفاف فلا ترى |
|
لها شبها إلّا النّعام المنفّرا (٥) |
أي : ركبوها فرموها بأنفسهم.
ومن قال : المراد به الأهل ، قال : معناه : وأهلك طهرهم من الخطايا بالموعظة والتأديب ، والعرب تسمي الأهل ثوبا وإزارا ولباسا ، قال تعالى (هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَ) [البقرة: ١٨٧].
قال الماورديّ : ولهم في تأويل الآية وجهان :
الأول : معناه : ونساءك فطهر باختيار المؤمنات العفائف.
الثاني : الاستمتاع بهن في القبل دون الدبر في الطهر إلا في الحيض حكاه ابن بحر.
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٢٩٨ ـ ٢٩٩) عن ابن عباس وقتادة وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٤٥١) عن مجاهد وعزاه إلى سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٢٩٨) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٤٥١) وزاد نسبته إلى سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري في «الوقف والابتداء» وابن مردويه من طريق عكرمة عن ابن عباس.
(٣) يروى لا ثوب فاجر مكان لا ثوب غادر. ويروى ولا من خزية أتقنع ، مكان ولا من غدرة أتقنع.
ينظر : اللسان (ثوب) ، ومجمع البيان ١٠ / ٥٨٠ ، وزاد المسير ٨ / ٤٠٠ ، والقرطبي ١٩ / ٤٢.
(٤) ويروى بالرمح الأصم مكان بالرمح الطويل.
ينظر ديوانه ص ٢٦ ، وشرح المعلقات السبع للزوزني ص ١٤٨ ، والقرطبي ١٩ / ٤٢.
(٥) ينظر : زاد المسير ٨ / ٤٠٠ ، والقرطبي ١٩ / ٤٣ ، والفائق ١ / ٢٨ ، والمعاني الكبير ١ / ٤٨٦ ، واللسان (ثوب).