يعني بطهارة ثيابهم : سلامتهم عن الدناءات ويعني بعزة وجوههم : تنزيههم عن المحرمات ، أو جمالهم في الخلقة ، أو كليهما. قاله ابن العربي.
وقال سفيان بن عيينة : لا تلبس ثيابك على كذب ولا جور ولا غدر ولا إثم ، قاله عكرمة.
ومن قال : إن المراد به الثياب الملبوسة ، فلهم أربعة أوجه :
الأول : وثيابك فأنق.
الثاني : وثيابك فشمّر ، أي قصّر ، فإن تقصير الثياب أبعد من النجاسة فإذا جرّت على الأرض لم يؤمن أن يصيبها نجاسة ، قاله الزجاج وطاووس.
الثالث : وثيابك فطهر من النجاسة بالماء ، قاله محمد بن سيرين وابن زيد والفقهاء.
الرابع : لا تلبس ثيابك إلا من كسب الحلال ليكون مطهرة من الحرام.
وعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ لا يكون ثيابك التي تلبس من ملبس غير طاهر.
قال ابن العربي : وليس بممتنع أن تحمل الآية على عمومها ، من أن المراد بها الحقيقة ، والمجاز ، وإذا حملناها على الثياب الطاهرة المعلومة ، فهي تتناول معنيين :
أحدهما : تقصير الأذيال ، فإنها إذا أرسلت تدنست ، ولهذا قال عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ لغلام من الأنصار ، وقد رأى ذيله مسترخيا : ارفع إزارك ، فإنه أتقى ، وأبقى ، وأنقى.
وقال صلىاللهعليهوسلم : «إزرة المؤمن إلى أنصاف ساقيه ، لا جناح عليه فيما بينه وبين الكعبين وما كان أسفل من ذلك ففي النّار» (١). فقد جعل النبي صلىاللهعليهوسلم الغاية في لباس الإزار الكعب ، وتوعد ما تحته بالنار ، فما بال رجال يرسلون أذيالهم ، ويطيلون ثيابهم ، ثم يتكلفون رفعها بأيديهم وهذه حالة الكبر ، وقال صلىاللهعليهوسلم : «لا ينظر الله تعالى إلى من جرّ ثوبه خيلاء» ، وفي رواية : «من جرّ إزاره خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة» (٢) قال أبو بكر ـ رضي الله
__________________
(١) أخرجه مالك في الموطأ ٢ / ٩١٤ ـ ٩١٥ ، في كتاب اللباس : باب ما جاء في إسبال الرجل ثوبه ، وأحمد في المسند ٣ / ٩٧ ، وأبو داود ٤ / ٣٥٣ في اللباس : باب في قدر موضع الإزار ٤٠٩٣ ، وذكره المنذري في مختصر سنن أبي داود ٦ / ٥٥ ـ ٥٦ ، (٣٩٣٥) ، وعزاه للنسائي وأخرجه ابن ماجه ٢ / ١١٨٣ ، في اللباس : باب طول القميص (٣٥٧٦).
(٢) أخرجه البخاري ١٠ / ٢٦٦ في اللباس : باب من جرا إزاره من غير خيلاء (٥٧٨٤) ، وفيه من الفقه أنه لا حرج على من انجر إزاره بغير قصده مطلقا ؛ وأما ما أخرجه ابن أبي شيبة عن ابن عمر رضي الله عنه أنه كان يكره جر الإزار على كل حال. فقال ابن بطال : هو من تشديداته وإلا فقد روى هو حديث الباب فلم يخف عليه الحكم قال الحافظ : بل كراهة ابن عمر محمولة على من قصد ذلك سواء كان عن مخيلة أم لا وهو المطابق لروايته ، ولا يظن بابن عمر رضي الله عنه أنه يؤاخذ من لم يقصد شيئا وإنما يريد بالكراهة من انجر إزاره بغير اختياره ثم تمادى على ذلك ولم يتداركه وهذا ـ