عنه ـ : يا رسول الله إني أجد شقّ إزاري يسترخي إلا أني أتعاهد ذلك منه ، فقال رسول اللهصلىاللهعليهوسلم : «لست ممّن يصنعه خيلاء».
والمعنى الثاني : غسلها بالماء من النجاسة ، وهو الظاهر.
قال المهدوي : واستدل به بعض العلماء على وجوب طهارة الثوب ، وليس ذلك بفرض عند مالك وأهل المدينة ، وكذلك طهارة البدن ، للإجماع على جواز الصلاة بالاستجمار من غير غسل.
قال ابن الخطيب (١) : إذا حملنا لفظ التطهير على حقيقته ، فنقول : المراد منه أنهصلىاللهعليهوسلم أمر بتطهير ثيابه من الأنجاس والأقذار ، وعلى هذا التقدير ففي الآية ثلاثة احتمالات :
الأول : قال الشافعي ـ رضي الله عنه ـ : المقصود من الآية الإعلام بأن الصلاة لا تجوز إلا في ثياب طاهرة من الأنجاس.
وثانيها : قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : كان المشركون لا يصونون ثيابهم عن النجاسات ، فأمره الله تعالى بأن يصون ثيابه عن النجاسات.
وثالثها : روي أنهم ألقوا على رسول الله صلىاللهعليهوسلم سلى شاة ، فشق عليه فرجع إلى بيته حزينا وتدثر في ثيابه ، فقال : (يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ) ولا تمنعك تلك السفاهة عن الإنذار (وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ) على أن لا ينتقم منهم (وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ) عن تلك النجاسات والقاذورات.
قوله : (وَالرُّجْزَ). قرأ حفص ومجاهد وعكرمة وابن محيصن : بضم الراء ، والباقون (٢) : بكسرها.
فقيل : لغتان بمعنى ، وعن أبي عبيدة : الضم أقيس اللغتين ، وأكثرهما.
وقال مجاهد : هو بالضم اسم صنم ، ويعزى للحسن البصري أيضا ، وبالكسر ويذكر : اسم للعذاب ، وعلى تقدير كونه العذاب ، فلا بد من حذف مضاف ، أي : اهجر أسباب العذاب المؤدية إليه ، أقام السبب مقام المسبب ، وهو مجاز شائع بليغ.
وقال السديّ : «الرّجز» ، بنصب الراء : الوعيد.
وقال مجاهد وعكرمة : المراد بالرجز : الأوثان ، لقوله تعالى : (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ)(٣) [الحج : ١٠] ، وقال ابن عباس أيضا : والمأثم فاهجر ، أي
__________________
ـ متفق عليه وإن اختلفوا هل الكراهة فيه للتحريم أو للتنزيه وفي الحديث أيضا : اعتبار أحوال الأشخاص في لأحكام باختلافها ، وهو أصل مطرد غالبا. الفتح ١٠ / ٢٦٧.
(١) ينظر الفخر الرازي ٣٠ / ١٦٩.
(٢) ينظر : السبعة ٦٥٩ ، والحجة ٦ / ٣٣٨ ، وإعراب القراءات ٢ / ٤١٠ ، وحجة القراءات ٧٣٣.
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٣٠٠) عن مجاهد وعكرمة والزهري وقد ورد مرفوعا من حديث جابر. أخرجه الحاكم (٢ / ٢٥٧) وقال : صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٤٥٢) وزاد نسبته إلى ابن مردويه.