(وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ).
قال الزجاج (١) : «يعني من سبق في علمه أنه فاسق».
قال ابن الخطيب (٢) : «وهذه الآية تدلّ على عظم إيذاء الرسول ، حتى إنه يؤدّي إلى الكفر ، وزيغ القلوب عن الهدى».
قوله : (وَإِذْ قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ).
أي اذكر لهم هذه القصة أيضا ، وقال : (يا بَنِي إِسْرائِيلَ) ولم يقل : «يا قوم» كما قال موسى ؛ لأنه لأنه لا نسب له فيهم ، فيكونون قومه (٣) ، وقوله : (إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ) أي : بالإنجيل.
قوله : «مصدّقا» حال ، وكذلك : «مبشّرا» والعامل فيه : «رسول» ؛ لأنه بمعنى المرسل (٤).
قال الزمخشري (٥) : فإن قلت : بم انتصب : «مصدقا ، ومبشرا» أبما في الرسول من معنى الإرسال أم بإليكم؟ قلت : بمعنى : الإرسال ؛ لأن «إليكم» صلة للرسول ، فلا يجوز أن تعمل شيئا لأن حروف الجر لا تعمل بأنفسها ، ولكن بما فيها من معنى الفعل ، فإذا وقعت صلات لم تتضمن معنى فعل فمن أين تعمل؟ انتهى.
يعني بقوله : صلات ، أنها متعلقة ب «رسول» صلة له ، أي : متصل معناها به لا الصلة الصناعية.
قوله : (يَأْتِي مِنْ بَعْدِي) ، وقوله : (اسْمُهُ أَحْمَدُ) ، جملتان في موضع جر نعتا لرسول.
أو (اسْمُهُ أَحْمَدُ) في موضع نصب على الحال من فاعل «يأتي» (٦).
أو تكون الأولى نعتا ، والثانية حالا ، وكونهما حالين ضعيف ، لإتيانهما من النكرة وإن كان سيبويه يجوزه (٧).
وقرأ نافع وابن كثير (٨) وأبو عمرو : «من بعدي» ـ بفتح الياء ـ وهي قراءة السلمي ، وزرّ بن حبيش ، وأبو بكر عن عاصم ، واختاره أبو حاتم ؛ لأنه اسم ، مثل الكاف من «بعدك» ، والتاء من «قمت» (٩).
__________________
(١) ينظر : معاني القرآن ٥ / ١٦٤.
(٢) ينظر : التفسير الكبير ٢٩ / ٢٧١.
(٣) ينظر : القرطبي ١٨ / ٥٥.
(٤) ينظر : الدر المصون ٦ / ٣١٠.
(٥) ينظر : الكشاف ٤ / ٥٢٥.
(٦) ينظر : الدر المصون ٦ / ٣١٠.
(٧) ينظر : الكتاب ١ / ١٩٩.
(٨) ينظر : السبعة ٦٣٥ ، والحجة ٦ / ٢٨٨ ، وإعراب القراءات ٢ / ٣٦٣ ، والعنوان ١٩٠ ، وشرح الطيبة ٦ / ٥٣ ، وشرح شعلة ٦٠٣ ، وإتحاف ٢ / ٥٣٦.
(٩) ينظر : القرطبي ١٨ / ٥٥.