وقيل : الضمير في «إنه» للقرآن أو الوعيد.
قوله : (وَما يَذْكُرُونَ).
قرأ نافع (١) : بالخطاب ، وهو التفات من الغيبة إلى الخطاب والباقون : بالغيبة حملا على ما تقدم من قوله : (كُلُّ امْرِئٍ) ولم يؤثروا الالتفات.
وقراءة الخطاب ، وهي اختيار أبي حاتم لأنه أعم.
وأما قراءة الغيبة فهي اختيار أبي عبيد لقوله تعالى : (كَلَّا بَلْ لا يَخافُونَ) واتفقوا على تخفيفها.
قوله : (إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) ، بمعنى إلّا وقت مشيئته ، لا أن ينوب عن الزمان ، بل على حذف مضاف.
قالت المعتزلة : بل معناه : إلا أن يقدرهم الله ـ تعالى ـ على الذّكر ويهمّهم إليه.
وأجيبوا : بأنه تعالى أبقى الذكر مطلقا ، واستثنى منه حال المشيئة المطلقة ، فيلزم أنه متى حصلت المشيئة أن يحصل الذّكر مطلقا ، فحيث لم يحصل الذكر علمنا أنه لم تحصل المشيئة وتخصيص المشيئة بالمشيئة القهريّة ترك للظاهر.
قوله تعالى : (هُوَ أَهْلُ التَّقْوى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ) ، أي : حقيق بأن يتّقيه عباده ويخافوا عقابه فيؤمنوا ويطيعوا ، وحقيق بأن يغفر لهم ما سلف من كفرهم إذا آمنوا وأطاعوا.
روى الترمذي وابن ماجة عن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال في قوله تعالى : (هُوَ أَهْلُ التَّقْوى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ) قال : قال الله تعالى : «أنّا أهل أن أتّقى فمن اتّقى فلم يجعل معي إلها فأنا أهل أن أغفر له» (٢).
وقال بعض المفسرين : أهل المغفرة لمن تاب إليه من الذنوب الكبائر ، وأهل المغفرة أيضا للذنوب الصغائر.
روى الثعلبي عن أبيّ بن كعب ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من قرأ (يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ) أعطي من الأجر عشر حسنات بعدد من صدّق بمحمّد صلىاللهعليهوسلم وكذّبه ب «مكة»» (٣). والله أعلم.
__________________
(١) ينظر : إعراب القراءات ٢ / ٤١٣ ، وحجة القراءات ٧٣٥.
(٢) أخرجه أحمد (٣ / ١٤٢ ، ٢٤٣) وابن ماجه (٤٢٩٩) والترمذي (٣٣٢٥) والدارمي (٢ / ٣٠٢ ، ٣٠٣) والحاكم (٢ / ٥٠٨) ، وأبو يعلى (٦ / ٦٦) رقم (٣٣١٧) من طرق عن سهيل بن أبي حزم عن ثابت عن أنس.
وقال الترمذي : هذا حديث حسن غريب وسهيل ليس بالقوي في الحديث وقد تفرد سهيل بهذا الحديث عن ثابت.
وقال الحاكم : صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
(٣) تقدم تخريجه.