سفيان (١) صاح رجل من القوم : يا علي إن لك رحما بأمير المؤمنين [يزيد] ونريد أن نرعى الرحم ، فإن شئت آمنّاك!. فقال عليهالسلام : إن قرابة رسول الله أحقّ أن ترعى (٢).
فرجع علي بن الحسين إلى القتال ، وحمل وهو يقول :
الحرب قد بانت لها حقائق |
|
وظهرت من بعدها مصادق |
والله ربّ العرش لا نفارق |
|
جموعكم أو تغمد البوارق |
وجعل يقاتل حتى قتل تمام المئتين (وفي رواية : فقال مرّة بن منقذ العبدي (٣) : عليّ آثام العرب إن لم أثكل أباه به ، فطعنه بالرمح في ظهره (٤)). ثم ضربه (مرّة) على مفرق رأسه ضربة صرعه فيها ، وضربه الناس بأسيافهم ، فاعتنق الفرس فحمله الفرس إلى عسكر عدوه ، فقطّعوه بأسيافهم إربا إربا. فلما بلغت روحه التراقي نادى بأعلى صوته : يا أبتاه! هذا جدي رسول الله قد سقاني بكأسه الأوفى شربة لا أظمأ بعدها أبدا ، وهو يقول لك : العجل ، فإن لك كأسا مذخورة (٥). فصاح الحسين عليهالسلام : قتل الله قوما قتلوك يا بني ، ما أجرأهم على الله وعلى انتهاك حرمة رسول الله ، على الدنيا بعدك العفا (٦).
وروي أن الحسين عليهالسلام بكى عليه بكاء شديدا.
وفي (ناسخ التواريخ) أن الحسين عليهالسلام لما جاء إلى ولده ، رآه وبه رمق ، وفتح
__________________
(١) مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣٢٠ نقلا عن الإصابة لابن حجر ، ج ٤ ص ١٧٨ ـ ترجمة أبي مرة.
(٢) مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣٢١ نقلا عن (سر السلسلة) لأبي نصر في النسب ؛ ونسب قريش لمصعب الزبيري ، ص ٥٧.
(٣) مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣٢٣ نقلا عن كامل ابن الأثير ، ج ٤ ص ٣٠ ؛ والأخبار الطوال ، ص ٢٥٤ ؛ وإرشاد المفيد ومثير ابن نما واللهوف. وفي تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢٥٦ أن اسمه (مرة بن منقذ بن النعمان العبدي) ؛ وفي مقتل العوالم ، ص ٩٥ (منقذ بن مرة) ، وهو ما أورده الخوارزمي في مقتله.
(٤) مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣٢٤ عن مناقب ابن شهر اشوب ، ج ٢ ص ٢٢٢ ط إيران.
(٥) ذكر أبو مخنف في مقتله ، ص ٨١ هذا الكلام باختصار.
(٦) مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣٢٥ نقلا عن تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢٥٦. والعفاء : التراب.
وقال أبو عبيدة : العفاء : الدروس والهلاك.