والله لا يحكم فينا ابن الدّعي |
|
أطعنكم بالرمح حتى ينثني |
أضربكم بالسيف حتى يلتوي |
|
ضرب غلام هاشميّ علوي |
وكان علي الأكبر عليهالسلام مرآة الجمال النبوي ، ومثال خلقه السامي ، وأنموذجا من منطقة البليغ ، كأن الشاعر (الشيخ عبد الحسين صادق) عناه بقوله :
ورث الصفات الغرّ وهي تراثه |
|
من كل غطريف وشهم أصيد |
في بأس حمزة في شجاعة حيدر |
|
بإبا الحسين وفي مهابة أحمد |
وتراه في خلق وطيب خلائق |
|
وبليغ نطق كالنبيّ محمّد |
قال المرحوم الحاج شيخ جعفر : فلما تجلى وجه طلعته من أفق العقاب ، واستبرى يده وقدمه على العنان والركاب ، فأخذت عماته وأخواته بعنانه وركابه ، فأحدقن به ومنعنه من العزيمة ، والحسين عليهالسلام ينادي : خلوّا سبيله فإنه ممسوس في الله ، ومقتول في سبيل الله.
وفي (الدمعة الساكبة) : لما توجّه علي الأكبر إلى الحرب ، اجتمعت النساء حوله كالحلقة ، وقلن له : ارحم غربتنا ، ولا تستعجل إلى القتال ، فإنه ليس لنا طاقة في فراقك.
قال : فلم يزل يجهد ويبالغ في طلب الإذن من أبيه ، حتى أذن له. ثم ودّع أباه والحرم ، وتوجّه نحو الميدان.
فلم يزل يقاتل حتى ضجّ أهل الكوفة لكثرة من قتل منهم ، حتى أنه روي أنه على عطشه قتل ١٢٠ رجلا. ثم رجع إلى أبيه الحسين عليهالسلام وقد أصابته جراحات كثيرة. فقال : يا أبت العطش قد قتلني ، وثقل الحديد قد أجهدني ، فهل إلى شربة من ماء سبيل ، أتقوى بها على الأعداء؟. فبكى الحسين عليهالسلام وقال : يا بنيّ عزّ على محمّد وعلى علي وعلى أبيك ، أن تدعوهم فلا يجيبوك ، وتستغيث بهم فلا يغيثوك. يا بنيّ هات لسانك. فأخذ لسانه فمصّه ، ودفع إليه خاتمه (١) وقال له : خذ هذا الخاتم في فيك ، وارجع إلى قتال عدوك ، فإني أرجو أن لا تمسي حتى يسقيك جدك بكأسه الأوفى شربة لا تظمأ بعدها أبدا.
وأورد المقرم في مقتله : ومن جهة أن ليلى أم علي الأكبر هي بنت ميمونة ابنة أبي
__________________
(١) مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣٢٢ نقلا عن مقتل العوالم ، ص ٩٥.