فكذّبتمونا وكفّرتمونا ، ورأيتم قتالنا حلالا ، وأموالنا نهبا ، كأننا أولاد ترك أو كابل ، كما قتلتم جدّنا بالأمس ، وسيوفكم تقطر من دمائنا أهل البيت ، لحقد متقدّم ، قرّت بذلك عيونكم ، وفرحت قلوبكم ، افتراء على الله ، ومكرا مكرتم ، والله خير الماكرين. فلا تدعونّكم أنفسكم إلى الجذل (١) بما أصبتم من دمائنا ، ونالت أيديكم من أموالنا ؛ فإن ما أصابنا من المصائب الجليلة والرزايا العظيمة ، (فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ ٢٢ لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ وَاللهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ) (٢٣) [الحديد : ٢٢ ـ ٢٣].
تبّا لكم ، فانتظروا اللعنة والعذاب ، فكأن قد حلّ بكم ، وتواترت من السماء نقمات ، فيسحتكم بعذاب (٢) ويذيق بعضكم بأس بعض ، ثم تخلّدون في العذاب الأليم ، يوم القيامة بما ظلمتمونا ، ألا لعنة الله على الظالمين.
ويلكم ، أتدرون أيّة يد طاعنتنا منكم ، وأية نفس نزعت إلى قتالنا. أم بأية رجل مشيتم إلينا ، تبتغون محاربتنا؟. والله قست قلوبكم ، وغلظت أكبادكم ، وطبع على أفئدتكم ، وختم على سمعكم وبصركم ، وسوّل لكم الشيطان وأملى لكم ، وجعل على أبصاركم غشاوة ، فأنتم لا تهتدون.
تبّا لكم يا أهل الكوفة ، أيّ ترات لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قبلكم ، وذحول له لديكم ، بما صنعتم (غدرتم) بأخيه علي بن أبي طالب جدي ، وبنيه وعترته الطيبين الأخيار ، وافتخر بذلك مفتخركم ، فقال :
نحن قتلنا عليا وبني عليّ |
|
بسيوف هنديّة ورماح |
وسبينا نساءهم سبي ترك |
|
ونطحناهم فأيّ نطاح |
بفيك أيها القائل الكثكث ولك الأثلب (٣) ، افتخرت بقتل قوم زكّاهم الله وطهّرهم وأذهب عنهم الرجس ، فاكظم واقع (٤) كما أقعى أبوك ، فإنما لكل امرئ ما اكتسب وما قدّمت يداه.
__________________
(١) الجذل : الفرح.
(٢) أسحته : استأصله.
(٣) الكثكث والأثلب (بالفتح أو الكسر فيهما ، والفتح أكثر) : دقاق التراب وفتات الحجارة.
(٤) اكظم : اسكت على غيظك. واقع : الأمر من الإقعاء ، وهو جلوس الكلب على إسته ، مفترشا رجليه وناصبا يديه.