حتى التزم بدن أخيه ، وغارا في الماء. وسمع هذا الملعون صوتا من بينهما وهما في الماء (يقول): ربّ إنك تعلم وترى ما فعل بنا هذا الملعون ، فاستوف لنا حقنا منه يوم القيامة».
ومرّ حتى أتى بهما إلى عبيد الله بن زياد ، وهو قاعد على كرسي له ، وبيده قضيب خيزران ، فوضع الرأسين بين يديه. فلما نظر إليهما قام ثم قعد ثم قام ثم قعد ثلاثا. ثم قال : الويل لك أين ظفرت بهما؟. قال : أضافتهما عجوز لنا. قال : فما عرفت لهما حقّ الضيافة؟. قال : لا. قال : فأيّ شيء قالا لك؟. (قال) قالا : يا شيخ اذهب بنا إلى السوق فبعنا فانتفع بأثماننا ، فلا نريد أن يكون محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم خصمك في القيامة. قال : فأيّ شيء قلت لهما؟. (قال) قلت : لا ، ولكن أقتلكما وأنطلق برأسكما إلى عبيد الله بن زياد ، وآخذ جائزة ألفي درهم. قال : فأيّ شيء قالا لك؟. (قال) قالا : ائت بنا إلى عبيد الله بن زياد حتى يحكم فينا بأمره. قال : فأي شيء قلت؟. (قال) قلت : ليس إلى ذلك سبيل إلا التقرب إليه بدمكما. قال : أفلا جئتني بهما حيّين ، فكنت أضاعف لك الجائزة وأجعلها أربعة آلاف درهم!. قال : ما رأيت إلى ذلك سبيلا إلا التقرّب إليك بدمهما. قال : فأيّ شيء قالا لك أيضا؟. (قال) قالا : يا شيخ احفظ قرابتنا من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. قال : فأي شيء قلت لهما؟. (قال) قلت : ما لكما من رسول الله قرابة. قال : ويلك فأي شيء قالا لك أيضا؟. (قال) قالا : يا شيخ ارحم صغر سننا. قال : فما رحمتهما؟. قال : لا ، قلت : ما جعل الله لكما من الرحمة في قلبي شيئا. قال : ويلك فأي شيء قالا لك أيضا؟. (قال) قالا : دعنا نصلي ركعات ، فقلت : فصلّيا ما شئتما إن نفعتكما الصلاة. فصلى الغلامان أربع ركعات. قال : فأي شيء قالا في آخر صلاتهما؟. قال : رفعا طرفيهما إلى السماء ، وقالا : يا حيّ يا عليم ، يا أحكم الحاكمين ، احكم بيننا وبينه بالحق.
قال عبيد الله بن زياد : فإن أحكم الحاكمين قد حكم بينكما وبين الفاسق.
قال : فانتدب إليه رجل من أهل الشام ، فقال : أنا له.
وفي رواية المناقب : «فدعا عبيد الله بغلام له أسود يقال له نادر ، فقال له :
يا نادر ، دونك هذا الشيخ ، شدّ كتفيه».
قال : فانطلق به إلى الموضع الّذي قتل فيه الغلامين فاضرب عنقه ، ولا تترك أن يختلط دمه بدمهما ، وعجّل برأسه. ففعل الرجل ذلك.