لأهلّوا واستهلّوا فرحا |
|
ثم قالوا : يا يزيد لا تشل |
منحنيا على ثنايا أبي عبد الله سيد شباب أهل الجنة ، تنكتها بمخصرتك (١). وكيف لا تقول ذلك ، وقد نكأت القرحة ، واستأصلت الشأفة (٢) ، بإراقتك دماء ذرية محمّد صلىاللهعليهوآله ، ونجوم الأرض من آل عبد المطلب. وتهتف بأشياخك ، زعمت أنك تناديهم ، فلتردنّ وشيكا موردهم ، ولتودّنّ أنك شللت وبكمت ، ولم تكن قلت ما قلت ، وفعلت ما فعلت.
اللهم خذ لنا بحقنا ، وانتقم ممن ظلمنا ، وأحلل غضبك بمن سفك دماءنا ، وقتل حماتنا.
فو الله [يا يزيد] ما فريت إلا جلدك ، ولا حززت إلا لحمك. ولتردنّ على رسول الله صلىاللهعليهوآله بما تحمّلت من سفك دماء ذريته ، وانتهكت من حرمته ، في عترته ولحمته. حيث يجمع الله تعالى شملهم ، ويلمّ شعثهم ، ويأخذ بحقهم (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) [آل عمران : ١٦٩].
وحسبك بالله حاكما ، وبمحمد صلىاللهعليهوآله خصيما ، وبجبرائيل ظهيرا. وسيعلم من سوّل لك ومكّنك من رقاب المسلمين ، (بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً) ، وأيّكم شر مكانا وأضعف جندا.
ولئن جرّت عليّ الدواهي مخاطبتك (٣) ، إني لأستصغر قدرك ، وأستعظم تقريعك ، وأستكثر توبيخك. ولكن العيون عبرى ، والصدور حرّى.
ألا فالعجب كل العجب ، لقتل حزب الله النجباء ، بحزب الشيطان الطلقاء. فهذه الأيدي تنطف (٤) من دمائنا ، والأفواه تتحلّب من لحومنا ، وتلك الجثث الطواهر الزواكي تنتابها العواسل ، وتعفّرها أمهات الفراعل (٥). ولئن اتخذتنا مغنما ، لتجدنّنا
__________________
(١) المخصرة : كل ما اختصر الإنسان بيده فأمسكه ، من عصا ونحوها.
(٢) نكأت القرحة : قشرتها. والشأفة : قرحة تخرج في أسفل القدم ، فتكوى فتذهب ، وإذا قطعت مات صاحبها. واستأصل الله شأفته : أذهبه كما تذهب تلك القرحة ، أو معناه : أزاله من أصله.
(٣) ولئن جرّت عليّ الدواهي مخاطبتك ، يحتمل في [مخاطبتك] وجهان : الرفع أو النصب.
(٤) تنطف : تقطر.
(٥) العواسل : جمع عسّال ، وهو الذئب. والفراعل : جمع فرعل ، وهو ولد الضبع. (وفي رواية) تعفوها : أي تدرسها وتزيلها.