منه لما فعل بها. وقد أكد الشيخ المفيد أن القصة عارية عن الصحة ، بل هي من نسج الخيال ، وقد حبكت لغرض سياسي بحت ، وهو نفي الخصومة التي كانت بين الإمام علي وزوجته الزهراء عليهالسلام وبين الشيخين بشأن الخلافة والشورى وغصب فدك وحرق بيت فاطمةعليهالسلام.
يقول السيد جواد شبّر في (أدب الطف) ص ٧٦ :
وأما الرواية التي تقول إن أم كلثوم قد تزوجها عمر بن الخطاب ، فهي عارية عن الصحة ، كما أكّد الشيخ المفيد. وبيان ذلك أن المؤرخين قد اتفقوا على أن أم كلثوم قد تزوجها عون بن جعفر ، أو أخوه محمّد بن جعفر أولا ثم عون بن جعفر ثانيا. والإتفاق في ذلك عن أئمة الحديث المعتمدين ، كابن حجر في (الإصابة) ، وابن عبد البر في (الاستيعاب) وغيرهما ممن كتب في الصحابة. ويذكرون أن عون بن جعفر تزوج بها بعد عمر بن الخطاب ، مع أن عون قتل يوم (تستر) ١٧ ه في خلافة عمر ، وعمر مات بعد هذه الوقعة بسبع سنين سنة ٢٣ ه ، فكيف تزوج بها عون بعد عمر؟. الصحيح أن عون كان زوجها من البداية إلى النهاية ، وأنه لم يتزوجها غير ابن عمها ...
هذا من جهة ، ومن جهة أخرى ، فإن أم كلثوم كانت أصغر من أختها زينب العقيلة عليهالسلام ، وقد ولدت العقيلة بعد أخيها الحسين عليهالسلام بثلاث سنين أي سنة ٨ ه ، وتوفيت أمها الزهراء عليهالسلام أول سنة ١١ ه ، فتكون ولادة أم كلثوم المتوقعة في سنة ٩ أو ١٠ ه. وقد ذكر ابن الأثير في (الكامل) ج ٢ ص ٥٢٧ : أن عمر تزوج بها سنة ١٧ ه ، فيكون عمرها وقتئذ ٨ أو ٧ سنوات ، ويستحيل أن تكون البنت في هذه السن مؤهلة للزواج.
قال ابن الأثير : وفيها [أي سنة ١٧ ه] تزوج عمر أم كلثوم بنت علي ابن أبي طالب عليهالسلام وهي ابنة فاطمة بنت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ودخل بها في ذي القعدة [وعمره ٥٥ سنة].
وظاهر من كلامه أنه دخل بها قبل أن تبلغ ، فكيف يكون ذلك؟.
لهذا قال ابن شهر اشوب في (مناقبه) ج ٣ ص ٨٩ : وذكر أبو محمد النوبختي في كتاب (الإمامة) : أن أم كلثوم كانت صغيرة ، ومات عمر قبل أن يدخل بها.