ثم إنك الكاتب إلى ابن مرجانة ، أن يستقبل حسينا بالرجال ، وأمرته بمعاجلته ، وترك مطاولته ، والإلحاح عليه ، حتى يقتله ومن معه من بني عبد المطلب ، أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا ؛ فنحن أولئك ، لسنا كآبائك الأجلاف ، الجفاة الأكباد الحمير.
وفي رواية (تذكرة الخواص) لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٨٦ :
فنحن أولئك ، لا آباؤك الجفاة الطغاة ، الكفرة الفجرة ، أكباد الإبل ، والحمير الأجلاف ، أعداء الله وأعداء رسوله. الذين قاتلوا رسول الله في كل موطن ، وجدّك وأبوك هم الذين ظاهروا على الله ورسوله. ولكن إن سبقتني قبل أن آخذ منك ثأري في الدنيا ، فقد قتل النبيّون قبلي ، وكفى بالله ناصرا (وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ) (٨٨) [ص : ٨٨].
ثم طلب الحسين بن علي عليهالسلام إليكم الموادعة ، وسألكم الرجعة ، فاغتنمتم قلة أنصاره ، واستئصال أهل بيته ، فعدوتم عليهم ، فقتلتموهم كأنما قتلتم أهل بيت من الترك والكفر. فلا شيء عندي أعجب من طلبك ودّي ونصري ، وقد قتلت بني أبي ، وسيفك يقطر من دمي ، وأنت أحد ثأري. فإن يشأ الله لا يطلّ لديك دمي ، ولا تسبقني بثأري ، وإن سبقتني به في الدنيا ، فقبلنا ما قتل النبيّون وآل النبيين ، وكان الله الموعد ، وكفى به للمظلومين ناصرا ، ومن الظالمين منتقما. فلا يعجبنّك إن ظفرت بنا اليوم ، فو الله لنظفرنّ بك يوما.
ثم إنك تطلب مودتي وقد علمت لما بايعتك ، ما فعلت ذلك إلا وأنا أعلم أن ولد أبي وعمي أولى بهذا الأمر منك ومن أبيك ، ولكنكم معتدون مدّعون ، أخذتم ما ليس لكم بحق ، وتعدّيتم إلى من له الحق. وإني على يقين من الله أن يعذّبكم كما عذّب قوم عاد وثمود ، وقوم لوط وأصحاب مدين.
ألا ومن أعجب الأعاجيب ـ وما عشت أراك الدهر العجيب ـ حملك بنات عبد المطلب ، وغلمة صغارا من ولده ، إليك بالشام ، كالسبي المجلوب ، تري الناس (قدرتك علينا و) أنك قهرتنا ، وأنك تأمر علينا. ولعمري لئن كنت تصبح وتمسي آمنا لجرح (من جراحة) يدي ، إني لأرجو أن يعظم الله جراحك بلساني ، ونقضي وإبرامي ، فلا يستقرّ بك الجذل ، ولا يمهلك الله بعد قتلك عترة رسول الله إلا قليلا ، حتى يأخذك أخذا أليما ، فيخرجك الله من الدنيا ذميما أثيما. فعش لا أبا