وعن بعض أصحاب أمير المؤمنين عليهالسلام قال :
دخل عبد الرحمن بن ملجم ـ لعنه الله ـ على أمير المؤمنين عليهالسلام ـ وساق الحديث إلى أن قال ـ قال عليهالسلام :
إن الله خلق الأرواح قبل الأجساد بألفي عام فأسكنها الهواء ، فما تعارف منها هنا لك ائتلف في الدنيا ، وما تناكر منها هناك اختلف من الدنيا ، وإنّ روحي لا تعرف روحك(١).
وفي علل الشرائع : عن عبد الله بن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : إن الأرواح جنود مجنّدة فما تعارف منها في الميثاق ائتلف هاهنا ، وما تناكر منها في الميثاق اختلف هاهنا ...» (٢).
هذه الأخبار المتكثرة والتي لا يبعد تواترها المعنوي لا يمكن ردّها البتة.
فظاهر هذه المرويات أنه سبحانه خلق أرواح الآدميين بعد أرواح محمّد والعترة والأنبياء والمرسلين ، بحسب القرب المعنوي منه تعالى.
وللطبيب البارع والفيلسوف المحنّك أبي علي ابن سينا أبيات شعرية في قصيدته العينيّة الرائعة يبين فيها كيفية تعلق الروح بالبدن بعد أن كانت في الرفيع الأعلى :
هبطت إليك من المحل الأرفع |
|
ورقاء ذات تعزّز وتمنّع |
محجوبة عن كل مقلة عارف |
|
وهي التي سفرت ولم تتبرقع |
وصلت على كره إليك وربما |
|
كرهت فراقك وهي ذات تفجع |
أنفت وما ألفت فلما واصلت |
|
ألفت مجاورة الخراب البلقع |
حتى إذا اتصلت بهاء هبوطها |
|
عن ميم مركزها بذات الأجرع |
علقت بها ثاء الثقيل فأصبحت |
|
بين المعالم والطلول الخضّع |
تبكي إذا ذكرت عهودا بالحمى |
|
بمدامع تهمي ولمّا تقلع |
وتظل ساجعة على الدمن التي |
|
درست بتكرار الرياح الأربع |
إذا عاقها الشرك الكثيف وصدها |
|
نقص(٣) عن الأوج الفسيح الأرفع |
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ٥٨ ص ١٣٨.
(٢) بحار الأنوار : ج ٥٨ ص ١٣٩.
(٣) وفي نسخة قفص.