وغيرهم حيث يخجل القلم عن ذكر ما اعتقدوه في ذات الله تعالى.
فقد ذكر الشهرستاني :
«أنّ جماعة كثيرة من السلف يثبتون صفات خبرية مثل اليدين والوجه ولا يؤولون ذلك ... ثم إن جماعة من المتأخرين زادوا على ما قاله السلف ، فقالوا لا بدّ من إجرائها على ظاهرها ، فوقعوا في التشبيه الصرف ... ولقد كان التشبيه صرفا خالصا في اليهود.
وقال من توقف في التأويل : عرفنا بمقتضى العقل أن الله تعالى ليس كمثله شيء فلا يشبه شيئا من المخلوقات ولا يشبهه شيء منها وقطعنا بذلك إلّا أنّا نعرف معنى اللفظ الوارد فيه مثل قوله تعالى : (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) (طه / ٦) (خَلَقْتُ بِيَدَيَ وَجاءَ رَبُّكَ) ولسنا بمكلفين بمعرفة تفسير هذه الآيات وتأويلها» (١).
والأغرب من ذلك سكوت الشهرستاني عمّن شبّه الخالق بالمخلوق ، كمالك بن أنس ، وهجومه على بعض طوائف من الشيعة غالوا في بعض الأئمة عليهمالسلام قال :
[إن جماعة من السلف ممن لم يتعرّض للتأويل ولم يهدف التشبيه أمثال مالك بن أنس إمام المالكية إذ قال : الاستواء معلوم والكيفية مجهولة والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة ، ومثله أحمد بن حنبل وسفيان الثوري ...] (٢).
ليت شعري كيف جمع أنس بين الأضداد ، إذ يعلم من عبارته «الاستواء معلوم» نسبة التجسيم له تعالى فكيف يمكن تبرئة ساحته بالقول أنه لم يهدف التشبيه وهو يقول به صراحة؟!
إضافة إلى أن أحمد بن حنبل كان من معتقداته القول بالتجسيم ، ولم ننس ما ذكره ابن الأثر عمّا فعله الراضي العباسي بالحنابلة قال :
[وفيها ـ أي سنة ٣٢٣ هجري فتنة الحنابلة ببغداد ـ عظم أمر الحنابلة وقويت شوكتهم ... ثم زاد شرهم وفتنتهم ... فخرج توقيع الراضي بما يقرأ على
__________________
(١) الملل والنحل للشهرستاني : ج ١ ص ٩٢.
(٢) الملل والنحل للشهرستاني : ج ١ ص ٩٣.