ثالثا : إن هذه النصوص الذامّة لا تقاوم وتناهض تلك النصوص الأخرى التي تبين وتشرح فضل الهشامين وجلالة قدرهما عند الأئمة عليهمالسلام ، وما ذكره المتقدمون والمتأخرون في فضلهما وعظم شأنهما (١).
رابعا : إن أكثر أصحابنا يقولون : أنه أورد ذلك على سبيل المعارضة للمعتزلة ، فقال لهم : إذا قلتم إن القديم تعالى شيء لا كالأشياء فقولوا : انه جسم لا كالأجسام (٢) ، وليس كل من عارض بشيء وسأل عنه يكون معتقدا له ، ومتديّنا به ، وقد يجوز أن يكون قصد به إلى استخراج جوابهم عن هذه المسألة ومعرفة ما عندهم فيها.
خامسا : لا مانع من إطلاق القول عليه تعالى أنه شيء أو جسم مع إخراجه تعالى عن حدّ التعطيل (وهو عدم إثبات الوجود أو بقية الصفات الكمالية والفعلية والإضافية له) وحدّ التشبيه (الحكم بالاشتراك مع الممكنات في حقيقة الصفات وعوارض الممكنات) ، وقد ورد عن الحسين بن سعيد قال : سئل أبو جعفر الثاني عليهالسلام :
يجوز أن يقال لله : أنه شيء؟
قال عليهالسلام : نعم ، يخرجه عن الحدّين : حدّ التعطيل وحدّ التشبيه (٣).
ورحم الله تعالى سليمان بن جعفر الجعفري قال :
سألت أبا الحسن الرضا عليهالسلام عن هشام بن الحكم قال :
كان عبدا ناصحا وأوذي من قبل أصحابه حسدا منهم له (٤).
فلو سلّمنا أن هشاما كان يقول بالجسمية فهو لا يريد معناها المعهود بل يريد معنى آخر غير ذلك.
وبالجملة فمن شبّه الله سبحانه بأحد مخلوقاته هو بالحقيقة جاهل به يلصق بذاته المقدّسة ما يجب أن تتنزّه عنه ، لأن كل ذلك من صفات المادة المخلوقة ،
__________________
(١) معجم رجال الحديث : ج ١٩ ص ٢٧١ ورجال الممقاني : ج ٣ ص ٢٩٤. والشافي للمرتضى : ج ١ ص ٨٣ ـ ٨٥.
(٢) الشافي : ج ١ ص ٨٤.
(٣) أصول الكافي : ج ١ ص ٨٢ باب إطلاق القول بأنه شيء.
(٤) معجم رجال الحديث : ج ١٩ ص ٢٩٤.