محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولا شبهة في كون المراد بهذا الفؤاد هو الروح المحمدية الشاعرة دون القلب الصنوبري داخل القفص الصدري ، ومن هذا المنطلق أكّد سبحانه في مطاوي آياته الكريمة أن القلب المليء بالمعاصي محجوب عن ربّه ، قال تعالى : (كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ (١٥) كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (١٦)) (المطففين / ١٥ ـ ١٦).
وهذا العلم المسمّى بالرؤية واللقاء ذو مراتب تشكيكية ، يختلف قوة وضعفا في الدنيا وينعكس ذلك في الآخرة بأعلى مراتبه ، ويتم للصالحين من عباده تعالى.
فهذه الرؤية المعنوية تتحقق بأجلى صورها في موطن التشرف يوم اللقاء (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ (٢٣) إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ (٢٤)) (القيامة / ٢٣ ـ ٢٤).
أما في حال الدنيا فلا يمكن أن تتحقق هذه الرؤية الكاملة لاشتغال الإنسان بلوازم البدن ، واستغراقه في جلباب الطبيعة ، بالطبع هذا في غير المعصومين ، أما المعصومون المنزّهون ن كل ذلك فهم ممن يحصّلون اللقاء في الدنيا لكن كلّ بحسب سيره وقوة كماله في الصفات والأسماء.
فيتحصّل مما ذكر : أنك لن تقدر على رؤيتي والعلم الضروري بي في الدنيا حتى تلاقيني فتعلم بي علما اضطراريا تريده في عالم الآخرة.
هذا الوجه اختاره العلّامة الطباطبائي في تفسيره : ج ٨ ص ٢٤١ ـ ٢٤٢. لكنه غير سديد من وجوه :
الأول : إنه ينافي ما ورد في النصوص من أنه عليهالسلام طلب الرؤية لبني إسرائيل نيابة عنهم ، فهو بعلمه يمثّل النوع لا الشخص.
الثاني : أنه يتطلب ارتكاب التجوّز والتوسع ، بحيث يؤدي إلى مخالفة مفهوم الرؤية التي طلبها بنو إسرائيل من موسى عليهالسلام : إضافة لمخالفته للإطلاق في قوله : (لَنْ تَرانِي).
الثالث : أن الطلب الحضوري أو الشهود القلبي لا يعدّ أمرا سيئا ليتوب منه موسىعليهالسلام ، ولو كان سيئا ومستقبحا لما طلبه النبي إبراهيم بقوله : (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ...) ، فكما أنه تعالى لبّى طلب إبراهيم عليهالسلام كذلك قد يلبّي طلب موسى عليهالسلام ، فعدم التلبية لموسى عليهالسلام خلاف المعهود.