بحكم مغايرة كل صفة مع الموصوف بها ، وحيث إن الموصوف بها قديم وكان هذا الاتّصاف من القديم استلزم أن تكون هذه الصفات واجبات وقدماء ؛ أو بعبارة مختصرة يقولون بأزلية الصفات مع زيادتها على الذات (١).
يلاحظ عليهم :
أولا : لازم هذا القول تعدد الواجب ، وانثلام الوحدة الذاتية للذات الإلهية ، وهذا مما تبطله أدلّة وحدانية الواجب وبساطته.
ثانيا : لازمه الاعتراف بافتقار الذات إلى الصفات وهو خلف كونه غنيا مطلقا ؛ إذ لو كانت زائدة على الذات استدعى أن يتجمّل بغيره فيكون للغير تأثير في كماله وتمامه فيؤدي إلى الدور المستحيل ، أو تكون صفاته أنور وأشرف من ذاته وهو أيضا مستحيل ، لأنّ الفطرة حاكمة بأن ذاتا يكون كمالها بنفس ذاتها أشرف وأكمل من ذات استكملت بأمر زائد على ذاته (٢).
ثالثا : إن الزيادة على الذات تستلزم النقص والمحدودية في الذات الإلهية لأنه على هذا القول يكون الباري جلّ وعلا خاليا عن الصفات في مرتبة الذات وهو خلف كونه مطلقا ، فالزيادة تستدعي افتقار الذات إلى الصفات وهذا علامة الإمكان هو منزّه عنه تعالى.
رابعا : لو فاضت تلك الصفات على الذات من غيره يلزم أن يكون معلوله أشرف منه وهو مستحيل. وكذا لو فاضت من ذات على ذاته لجهة أشرف مما عليه واجب الوجود ، فيكون ذاته أشرف من ذاته ، إذ لو كفت جهة ذاته في أن يكون موجبا لإفاضة العلم لكان ذاته بذاته ذا علم ليفيض من علمه علم آخر كما في أصل الوجود وكذا في سائر الصفات الكمالية للوجود والتالي محال لأنّ جهة النقص والخسة تخالف جهة الكمال والشرف ، فكذا المقدّم (٣).
خامسا : لم يدلّ دليل على أن الصفة يجب أن تكون مغايرة للموصوف وإنما هو أمر سائد في الممكنات ، فإن العلم في الإنسان ليس ذاته بشهادة أنه قد كان
__________________
نهج المسترشدين للسيوري : ص ٢٢٢.
باب حادي عشر : ٤٠ والملل والنحل للسبحاني : ج ٢ ص ٧٨.
(١) الإلهيات : ج ١ ص ٣٨٢.
(٢) الأسفار : ج ٦ ص ١٢٤.
(٣) الأسفار : ج ٦ ص ١٣٤.