الشيء الكبير في الصغير لكنه لا يفعله لا لنقص عنده عزوجل بل لعدم قابلية المورد كما سوف يأتيك.
والأدلة والبراهين كثيرة هي :
البرهان الأول :
بعد أن ثبت فيما تقدم كونه تعالى قادرا على بعض المقدورات في الجملة وجب أنّ يكون قادرا على كل المقدورات ، فبما أنّ مقدّم الشرطية ثابت باعتراف الخصم فالتالي مثله في الثبوت.
بيان الشرطية :
إنّ ما لأجله صحّ أن يكون ذلك البعض مقدورا هو الإمكان ، والإمكان وصف مشترك بين الممكنات ، فيكون الكل مشتركا في صحة المقدورية ، فلو كان قادرا على بعض دون بعض لكان المخصّص :
إمّا ذات الواجب تعالى.
وإمّا ذات المقدور.
أمّا الأول : فباطل لكون الذات الإلهية مجرّدة متساوية النسبة إلى الجميع ، فيكون مقتضاها أيضا متساوي النسبة وهو المطلوب.
وأما الثاني : وهو باطل أيضا لأنّ المقتضي لكون الشيء مقدورا هو إمكانه ، وهو مشترك بين الكل.
فإذا انتفى المخصّص بالنسبة إلى ذات الباري وذات المقدور وجب أن يكون قادرا على الكل وإلّا لزم التخصيص من غير مخصّص وهو محال.
وبعبارة أوضح :
إنّ المقتضي لكون الشيء مقدورا هو إمكانه لا امتناعه ، فما دون ذات الباري فهو ممكن قابل لأن يتّصف بالمقدورية لأنها صفة مشتركة بين الممكنات ، فتخصيصها ببعض المقدورات دون بعض ، تخصيص من غير مخصّص وهو محال لأنّ نسبة قدرته تعالى إلى الكل متساوية لكون ذاته تعالى مجرّدة متساوية النسبة إلى الجميع ، فثبت بذلك أنّ شاملة للجميع دون استثناء.
البرهان الثاني :
بما أن الذات المقدّسة لا يحدّها شيء ولا تقيّد بقيد فهي غير متناهية الوجود