تحصل المصالح العظيمة والمنافع الكثيرة ، لكن قد يعرض لها إحراق بيت وليّ وثياب نبيّ ، وكذا الماء الذي كماله في البرودة والرطوبة والسيلان وقد يعرض له تغريق بلاد وهلاك عباد وكذلك الأرض والهواء والمطر والسحاب وغير ذلك وهذا القسم من الموجودات الممكنة إنما يكون فيما يمكن فيه الإحالة والاستحالة والكون والفساد ، لكن إذا تأملنا حال الشخص المتضرر بشيء من هذه العناصر الأربعة وتأملنا حال انتفائه طول عمره بكل واحد منها لم يكن لذلك القدر اليسير من الضرر نسبة يعتدّ بها إلى ذلك النفع الكثير ، وإذا كان الأمر كذلك في الشخص الواحد المتضرر فكيف يكون الحال في نسبة ذلك الضرر اليسير إلى انتفاع جميع الأشخاص (١) الإنسانية والحيوانية وغيرها وكذلك الأدوية والأغذية النباتية التي قد يتضرر بها في الندرة وكذلك وجود حيوانات في أنفسها خيرا إلّا أنه يعرض لها ـ بسبب مصاكات اتفاقية ـ تأدى ضررها إلى غيرها من الحيوانات كالحيات والعقارب والسباع الضارية والجوارح المفترسة وغير ذلك وكذلك الإنسان المستعد للكمالات النفسانية والعقلية والخيرات الظنية والحقيقية قد يعتريه بسبب أمور اتفاقية اعتقادات فاسدة وجهالات مركبة وأخلاق ذميمة وأعمال سيئة واقتراف خطيئات تضره في المعاد ، ولكن هذه الشرور إنما تكون في أشخاص قليلة أقلّ من أشخاص سالمين عن هذه الشرور والآفات وفي أوقات أقل من أوقات العافية والسلامة عنها (٢).
وعقّب العلّامة الطباطبائي على هذا التقسيم فقال :
«الأمور على خمسة أقسام :
ما هو خير محض ـ وما هو خيره أكثر من شره ـ وما يتساوى خيره وشرّه ـ وما شره أكثر من خيره ـ وما هو شرّ محض.
ولا يوجد شيء من الثلاثة الأخيرة لاستلزامه الترجيح من غير مرجّح أو ترجيح المرجوح على الراجح ، ومن الواجب بالنظر إلى الحكمة الإلهية المنبعثة عن القدرة والعلم الواجبين ، والجود الذي لا يخالطه بخل أن يفيض ما هو الأصلح في النظام الأتم ، وأن يوجد ما هو خير محض وما هو خيره أكثر من
__________________
(١) الأولى التعبير ب (أفراد) بدلا من (الأشخاص).
(٢) الأسفار : ج ٣ ص ٤٨.