والاجتماعي لتلك المخلوقات المتعددة ولو كان معيار العدالة هو التساوي لزم أن لا يوجد إلّا شيء واحد كأن لا يوجد إلّا الإنسان مثلا حينئذ كيف يمكنه أن يعيش لوحده مع عدم وجود شيء آخر معه حتى النبات ليغتذي به أو يأوي إليه ، وأيضا لو كان جميع أفراد الإنسان ذكورا أو إناثا فقط لانقرض النسل لعدم إمكان التوالد والتناسل وهكذا إلى غير ذلك من الأصناف والأنواع (١).
والوجه السادس :
قد تكون بعض الشرور لمجازاة الكفّار والعصاة وعذابهم نتيجة أعمال السوء التي تصدر منهم كما قال تعالى : (وَما كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرى إِلَّا وَأَهْلُها ظالِمُونَ) (القصص / ٦٠) (أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ ما لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّماءَ عَلَيْهِمْ مِدْراراً وَجَعَلْنَا الْأَنْهارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ) (الأنعام / ٧).
بل تدلّ بعض الآيات على أن المصائب كالقحط والغلاء والشدائد تعرض على الأفراد والأقوام نتيجة سوء اختيارهم ولكثرة المتغيرات الحاصلة في أنفسهم قال تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ) (الرعد / ١٢) (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ) (الشورى / ٣١).
فبعض المصائب الحاصلة للبشر بينها وبينهم نوع ارتباط ، فلو جرى الإنسان أو المجتمع على ما تقتضيه الفطرة من الاعتقاد والعمل لنزلت عليهم الخيرات وشملتهم البركات.
قد يقال : عرفنا أن المجازاة بالمصائب نتيجة عدم العمل بما تقتضيه الفطرة من الاعتقاد والعمل ، فما ذنب الأولياء والأنبياء عليهمالسلام حتى تحلّ بساحتهم المصائب والأحزان والشرور؟
الجواب :
إنّ البلايا والمصائب التي كانت تحل بالأولياء والأنبياء عليهمالسلام ليست مجازاة على معاصي ارتكبوها بل هي لارتفاع شأنهم كما نصّ على ذلك صحيحة علي بن رئاب فقال :
__________________
(١) بداية المعارف : ج ١ ص ١٣٨ بتصرف.