العالم أن يعلّم وينذر وجب على الجاهل أن يقبل قول العالم ويعمل به كما أنه يجب عليه أن يسأله لو جهل بعض الأحكام.
وهذا الأمر الضروري قد أكّده مولى الثقلين بقوله عليهالسلام :
«ما أخذ الله على أهل الجهل أن يتعلّموا حتى أخذ على أهل العلم أن يعلّموا» (١).
سؤال وجواب :
هل المؤاخذة والعقاب مترتبان على ترك التعلّم أو على ترك الواقع؟
قد يقال إن المؤاخذة على ترك التعلّم لكون طلب العلم نفسيا ، لكنه مردود لأن طلب العلم وحده من دون أن يترتب عليه العمل لا يكون إلّا وبالا على صاحبه لأن العلم يدعو للعمل فإن أجابه وإلّا ارتحل.
وأما لو قلنا أن المؤاخذة إنما لمخالفة الواقع فيكون التعلّم حينئذ طريقا لتحصيل الواقع ، فلو ترك التعلم يعاقب على تركه الواقع لا على تركه التعلم ، لأن التعلم يفضي إلى الواقع.
وإليه أشار الشيخ الأنصاري «قدسسره» حيث قال :
الإنصاف ظهور أدلة وجوب العلم في كونه واجبا غيريا مضافا إلى الأخبار الظاهرة في المؤاخذة على نفس المخالفة (٢).
وعليه جرى الفقهاء المتأخرون منهم الخوئي والشهيد المظلوم آية الله العظمى الميرزا الغروي «قدسسره» قال الأخير في بحث تقريره للخوئي :
«ذهب جماعة منهم الأردبيلي إلى الالتزام بالوجوب النفسي في المقام وأن التعلم واجب نفسي والعقاب إنما هو على ترك التعلم نفسه لا أنه على ترك الواجب الواقعي.
وفيه أن الأدلة المستدلّ بها على وجوب التفقه والتعلم ظاهرة في أنّ التعلم واجب طريقي وأنه مقدمة لامتثال الأحكام الواقعية ولا يكاد يستفاد منها أنه واجب نفسي أبدا»(٣).
ويشهد لكون الواجب طريقيا ما ورد في قوله تعالى : (قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ
__________________
(١) نهج البلاغة بشرح عبده / ٢٦٦ قصار الحكم رقم ٤٧٨ وورد مثله في أصول الكافي : ج ٢ / ٤١ ح ١.
(٢) فرائد الأصول : ص ٣٠٣ بشيء من التصرف.
(٣) التنقيح : ج ١ ص ٢٩٥ بتصرف بسيط.