إلى الله ، فقال لها قتادة يا أم المؤمنين فأنت تعلمين هذا فلم كان الذي منك؟
قالت : يا قتادة (وَكانَ أَمْرُ اللهِ قَدَراً مَقْدُوراً) وللقدر أسباب ...» (١).
ولمّا اعترض عبد الله بن عمر على معاوية عند ما نصّب ولده يزيد خليفة من بعده قال له :
«إني أحذّرك أن تشقّ عصا المسلمين وتسعى في تفريق ملئهم وأن تسفك دماءهم وإنّ أمر يزيد قد كان قضاء من القضاء وليس للعباد خيرة من أمرهم» (٢).
وكلا الطائفتين يعبّران عن المصلحة السلوكية والازدواجية الشخصية التي كان يسلكها بعض الصحابة لتبرير أفعالهم الشريرة ، فابتدعوا نصوصا حلّلوا من خلالها الحرام ، وحرّموا الحلال تحقيقا لأغراضهم وإشباعا لرغباتهم ، ويكفينا ما فعله ابن الخطاب وصاحبه من اجتهادات واستحسانات قلبت موازين الشرع المبين وشريعة سيد المرسلين ، ويكفينا ما فعلاه يوم السقيفة وغصبهما للخلافة ولنحلة سيدة نساء العالمين واتهامهما إيّاها بالكذب وقد طهّرها سبحانه في محكم آية التطهير ، والدخول عليها جهرة أمام المسلمين وتوهينهم لها بضربها وكسر ضلعها وتسويد متنها إلى ما هنالك من مخازي يخجل القلم عن سردها.
سؤال :
مفاده : أنكم نفيتم من أن يكون النبي مصدر الجبر ، فمتى حصل لدى بعض الصحابة العلم بالجبر حتى جعلوه مبرّرا لتصرفاتهم؟
والجواب :
إنّ فكرة الجبر من الناحية التاريخية متقدمة على مسألتي القضاء والقدر بمعنى أن جبر العباد على المعاصي كانت رائجة في فترة ما قبل الإسلام ثم تطوّرت شيئا فشيئا حتى ألبسوها ثوب القضاء والقدر باعتبار كونهما ـ أي القضاء والقدر ـ داخلين في علم الله الأزلي حيث قدّر وقضي كل ما يجري في هذا الكون فيستحيل أن يتخلّف ما قدّره وقضاه تعالى عن علمهعزوجل.
وقد قصّ لنا القرآن الكريم في بعض آياته كيف أنّ المشركين كانوا ينسبون أفعالهم الشريرة إلى خالقهم وأنه تعالى أمرهم بها قال سبحانه حاكيا عنهم :
__________________
(١) الإلهيات : ج ١ ص ٥١٠ نقلا عن الأوائل : ج ٢ ص ١٢٥.
(٢) الإمامة والسياسة : ج ١ ص ٢١٠.