الحجر يكون انكسارها ضروريا لا يتخلّف ، وهذا ما يعبّر عنه ب (القضاء العيني الخارجي) وبما أن الانكسار لا بدّ أن يكون بكيفيّة خاصة تميّزه عن سائر الكيفيات الأخرى فيسمّى ب (القدر) المعيّن لهذه الزجاجة.
وبالنتيجة ، فقد تحقق الانكسار للزجاجة بضرورة وخصوصية.
أما ما هو مصدر هذه الضرورة أو هذه الخصوصية ، فهذا ما تبحثه هذه النظرية التي تفرض على «القدر» أن لا يكون له واقعية سوى نظام العلة والمعلول في هذا الوجود الخارجي أي أن كل شيء في النظام الكوني هذا مرتبط بقانون العلّة والمعلول ، وأن مصير أي موجود لا يتحقق إلّا ضمن سلسلة العلل والمعلولات في عالمنا الخارجي ، بمعنى أن سلسلة علل الشيء المترابطة (حتى تصل إلى العلّة الأولى) هي التي تعطي ضرورته الوجودية ، وهي التي تحدّد خصائصه في الوجود ، وأن جميع الموجودات إنما تجد ضرورتها الوجودية وخصائصها الوجودية من مقتضيات سلسلة عللها السابقة ، فعالم الحياة سلسلة من «القضاء التكويني الخارجي» حيث إنّ فصل إحدى هذه العلل عن معلولاتها يؤدي إلى تلاشي الكون بما فيه ولاستلزم أن تتحطم جميع الكائنات من صفحة الوجود. هذا كله فيما يتعلق بالقضاء التكويني الخارجي.
أما التقدير التكويني الخارجي ، فحيث يقال أنه تلك الخصائص الوجودية للموجودات الخارجية فمن المسلّم به أنّ كل معلول إنما يتحدد في جميع مشخصاته وكيفياته الظاهرية والباطنية وشرائطه الزمانية قبل علته الوجودية ، فمثلا : إذا كانت العلة الوجودية للمعلول زمانية ومكانية فلا بدّ أن يكون معلولها زمانيا ومكانيا أيضا ، وإذا كانت هذه العلة محدودة في وجودها بزمان ومكان خاص ، فلا بدّ أن يتحدد معلولها أيضا بين حدّي الزمان والمكان.
بالإضافة إلى أن أصل لزوم السنخية بين المعلول والعلة أيضا يوضّح لنا ما نحن بصدده من التقدير التكويني الخارجي ، إذ إنه بناء على هذا الأصل يكون بين النار والحرارة ، والماء والبرودة سنخية خاصة لا توجب إلّا أثرها الخاص فحسب ، وعلى هذا : فكل معلول إنما يكسب سلسلة صفاته الخاصة به والتي يحدّد بها حقيقة وجوده ومقداره من قبل علته الوجودية.
ويحكم هذا الأصل (أي الترابط السنخي بين العلة والمعلول) في أفعال الإنسان الاختيارية بشكل واضح ، حيث إن جميع أفعال الإنسان معلولة لاختياره