الثاني : وإما أن يكون قد كتب عليه الموت فحينئذ لا يكون للدعاء أي أثر لأنه محكوم عليه بالقضاء المبرم وهو الموت.
والجواب : عن الشق الأول من الشبهة فنقول :
إن المريض وإن كتب له الشفاء في علمه تعالى ولكن إثبات الشفاء له في علمه الأزلي ليس مطلقا بل لعله معلق ومشروط بسلسلة من العلل ومنها الدعاء ، وعلينا أن نحصل على هذه العلل التي منها الدعاء وأعمال البرّ ومراجعة المداوي وإلّا لاختلّ النظام ، فحيث هناك المرض والجهل والفقر وعدم التداوي وعدم رفع المستوى المعيشي بالسعي نحو العمل فإن كل ذلك يؤدي إلى الإخلال بالنظام التكويني واضطراب في البنية الاجتماعية والاقتصادية وهذا عين ما أراده لنا الأعداء لا سيما اليهود المؤسسون لشبهة أنه تعالى فرغ من الأمر ولا حاجة بنا للدعاء ، لذا ورد الحثّ الشديد على التكافل الاجتماعي والاقتصادي ورفع المستوى المعيشي عند الطبقة الكادحة ، فعن مولانا الإمام الصادق عليهالسلام قال :
قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم :
خمسة لا يستجاب لهم : رجل جعل الله بيده طلاق امرأته فهي تؤذيه وعنده ما يعطيها ولم يخل سبيلها. ورجل أبق مملوكه ثلاث مرات ولم يبعه. ورجل مرّ بحائط مائل وهو يقبل إليه ولم يسرع المشي حتى سقط عليه ، ورجل أقرض رجلا مالا فلم يشهد عليه ، ورجل جلس في بيته وقال : اللهم ارزقني ولم يطلب (١).
وعن الشق الثاني من الشبهة :
من ذا الذي حصل له القطع واليقين أنه سوف يموت بالوقت المحدّد حتى يكون ذلك مبرّرا له إلى ترك الدعاء أو التداوي؟ فهذه الدعوى على مدّعيها بل الأمر بالعكس حيث شجّعت الشريعة على الإلحاح في الدعاء والتداوي حال المرض والسعي حال الفقر أو الفشل والسقوط ، بل إن ترك السعي نحو الأفضل يستدعي عادة وبنظر العرف إحالة تبعات وآثار هذه الأفعال المشينة إليه تعالى مما يعني الجبر المنهي عنه عقلا وشرعا قال تعالى : (الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ وَاللهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ) (البقرة / ٢٦٩).
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ٩٠ ص ٢٥٦ ح ١٠.