من أجله أسمى من ذلك فهو يشمل كل ما يسعد حياة البشر الفردية والاجتماعية.
الوجه الثالث :
قد دلّ العقل على أنّ للعالم صانعا حكيما ، والحكيم لا يتعبّد الخلق بما يقبح في عقولهم وقد ورد في الأديان أمور مستقبحة عقلا كالتوجه إلى بيت مخصوص في العبادة والطواف حوله والسعي ورمي الجمار والإحرام والتلبية وتقبيل الحجر وذبح الحيوان وتحريم ما يمكن أن يكون غذاء للإنسان وتحليل ما ينقص من بنيته كل هذه الأشياء مخالفة للعقول.
يجاب عنه :
إنّ ما ذكروه من خلوّ هذه الأمور من المصلحة إنما تعدّ قبيحة عقلا بناء على المسلك الأشعري القائل بأنّ الأفعال الإلهية خالية من المصالح والمفاسد ، أما على المسلك الإمامي فلا يتوجه عليه الإشكال المذكور لأنّ كل فعل ـ بنظر الإمامية ـ لا يخلو من مصلحة أو مفسدة واقعية لم نطّلع عليها لقصور إدراكنا ، نعم قد تعلمنا الشريعة المقدّسة بعض أسرار أحكامها ، لذا فالمتدبر بأسرار العبادات والمعاملات يرى بوضوح الكثير من الحقائق والمصالح أو المفاسد المترتّبة على الأحكام الشرعية فمثلا التوجه إلى الكعبة المشرّفة التي هي عبارة عن أحجار أمر الباري بالتوجه إليها تمحيصا للعباد وإن كان الله عزوجل عالما بهم فامتحانهم لا لجهل عنده بل لتظهر الحقائق الكامنة في نفوسهم.
إضافة لذلك فإنّ التوجه إلى الكعبة رمز الوحدة بين المسلمين ولو تعددت وجهاتهم في أداء مراسمهم العبادية لسادت الفوضى فيهم ووقع الشقاق فيما بينهم في القطر الواحد فضلا عن سائر الأقطار.
وكذا فلسفة السعي بين الصفا والمروة هو تجسيد لعمل تلك المرأة الصالحة (هاجر زوجة النبي إبراهيم عليهالسلام) التي سعت سبع مرات بين جبلين طالبة الماء لوليدها إسماعيل الظمآن فشكر سبحانه سعيها حيث جعل مواطئ أقدامها محلا للعبادة.
وهكذا بقية المراسم العبادية فإنّ فيها الحكم والمصالح والعبر يعرفها من اطّلع على النصوص الدالّة عليها.
الوجه الرابع :
إنّ أكبر الكبائر في الرسالة اتباع رجل هو مثلك في الصورة والنفس والعقل ،